للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الطَّوَائِفِ جَمِيعِهَا كَمَا جَاهَدَ الْمُسْلِمُونَ مَانِعِي الزَّكَاةِ، وَجَاهَدُوا الْخَوَارجِ وَأَصْنَافَهُمْ، وَجَاهَدُوا الخرمية وَالْقَرَامِطَةَ وَالْبَاطِنِيَّةَ وَغَيْرَهُم مِن أَصْنَافِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ الْخَارِجِينَ عَن شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ.

وَذَلِكَ لِأَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كتَابِهِ: {حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الأنفال: ٣٩]، فَإِذَا كَانَ بَعْضُ الذينِ للهِ وَبَعْضُهُ لِغَيْرِ اللهِ: وَجَبَ قِتَالُهُم حَتَّى يَكُونَ الدّينُ كُلُّهُ للهِ.

وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة؛ ٥]، فَلَمْ يَأْمُرْ بِتَخْلِيَةِ سَبِيلِهِمْ إلَّا بَعْدَ التَّوْبَةِ مِن جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْكُفْرِ، وَبَعْدَ إقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ.

٣٤١٣ - قَالَ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥]، فَكَلُّ مَن خَرَجَ عَن سُنَّةِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَشَرِيعَتِهِ: فَقَد أَقْسَمَ اللهُ بِنَفْسِهِ الْمُقَدَّسَةِ أَنَّهُ لَا يُؤمِنُ حَتَّى يَرْضَا بِحُكْمِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي جَمِيعِ مَا يَشْجُرُ بَيْنَهُم مِن أُمُورِ الدِّينِ وَالدُّنْيَا، وَحَتَّى لَا يَبْقَى فِي قُلُوبِهِم حَرَفي مِن حُكْمِهِ (١).

٣٤١٤ - وسُئل الشيخ: مَا تَقُولُ الْفُقَهَاءُ أَئِمَّةُ الدِّينِ: فِي هَؤُلَاءِ التَّتَارِ الَّذِينَ قَدِمُوا سَنَةَ تِسْع وَتسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ وَفَعَلُوا مَا اشْتَهَرَ مَن قَتْلِ الْمُسْلِمِينَ وَسَبْيِ بَعْضِ الذَّرَارِيِّ وَالنَّهْبِ لِمَن وَجَدُوهُ مِن الْمُسْلِمِينَ وَهَتَكُوا حُرُمَاتِ الدِّينِ.


(١) مثال ذلك: مِن سُنَّةِ رَسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- وَشَرِيعَتِهِ تركُ إشهار تسمية المنافقين في وقتِه، وعدمُ التصريح والتشهير بأسماء من ارتكب مخالفة أو معصيةً من أصحابه، بل يقول: ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا، كلّ هذا حرصًا على جمع الكلمة، وبعدًا عن التنافر والاختلاف، بل ترك إقامة الحدود على بعض المنافقين خشية أن يُقال: بأن محمدًا يقتل أصحابَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>