للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَادَّعَوْا مَعَ ذَلِكَ التَّمَسُّكَ بِالشَّهَادَتَيْنِ .. فَهَل يَجُوزُ قِتَالُهُم أَو يَجِبُ؟

فَأَجَابَ: .. هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الْمَسْؤُولُ عَنْهُمْ: عَسْكَرُهُم مُشْتَمِلٌ عَلَى قَوْمٍ كفَّارٍ مِن النَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ، وَعَلَى قَوْمٍ مُنْتَسِبِينَ إلَى الْإِسْلَامِ- وَهُم جُمْهُورُ الْعَسْكَرِ- يَنْطِقُونَ بِالشَّهَادَتَيْنِ إذَا طُلِبَتْ مِنْهُمْ، وَيُعَظِّمُونَ الرَّسُولَ، وَلَيْسَ فِيهِمْ مَن يُصَلِّي إلَّا قَلِيلًا جِدًّا، وَصَوْمُ رَمَضَانَ أَكْثَرُ فِيهِمْ مِن الصَّلَاةِ، وَالْمُسْلِمُ عِنْدَهُم أعْظَمُ مِن غَيْرِهِ، وَللصَّالِحِينَ مِن الْمُسْلِمِينَ عِنْدَهُم قَدْرٌ، وَعِنْدَهُم مِن الْإِسْلَامِ بَعْضُهُ، وَهُم مُتَفَاوِتُونَ فِيهِ.

لَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ عَامَّتُهُم وَاَلَّذِي يُقَاتِلُونَ عَلَيْهِ: مُتَضَمِّنٌ لِتَرْكِ كَثِير مِن شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ أَو أَكْثَرِهَا.

فَإِنَّهُم أَوَّلًا: يُوجِبُونَ الْإِسْلَامَ وَلَا يُقَاتِلُونَ مَن تَرَكَهُ؛ بَل مَن قَاتَلَ عَلَى دَوْلَةِ الْمَغُولِ عَظَّمُوهُ وَتَرَكُوهُ وَإِن كَانَ كَافِرًا عَدُوًّا للهِ وَرَسُولِهِ، وَكُلُّ مَن خَرَجَ عَن دَوْلَةِ الْمَغُولِ أَو عَلَيْهَا اسْتَحَلُّوا قِتَالَهُ وَإِن كَانَ مِن خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ.

فَلَا يُجَاهِدُونَ الْكُفَّارَ وَلَا يُلْزِمُونَ أَهْلَ الْكِتَابِ بِالْجِزْيَةِ وَالصَّغَارِ وَلَا يَنْهَوْنَ أَحَدًا مِن عَسْكَرِهِمْ أَنْ يَعْبُدَ مَا شَاءَ مِن شَمْسٍ أَو قَمَرٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ.

بَل الظَّاهِرُ مِن سِيرَتِهِمْ أَنَّ الْمُسْلِمَ عِنْدَهُم بِمَنْزِلَةِ الْعَدْلِ أَو الرَّجُلِ الصَّالِحِ، أَو الْمُتَطَوِّعِ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَالْكَافِرُ عِنْدَهُم بِمَنْزِلَةِ الْفَاسقِ فِي الْمُسْلِمِينَ أَو بِمَنْزِلَةِ تَارِكِ التَّطَوُّعِ.

وَكَذَلِكَ أَيْضًا: عَامَّتُهُم لَا يُحَرِّمُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالَهُم إلا أَنْ يَنْهَاهُم عَنْهَا سُلْطَانُهُمْ؛ أَيْ: لَا يَلْتَزِمُونَ تَرْكَهَا، وَإِذَا نَهَاهُم عَنْهَا أَو عَن غَيْرِهَا أَطَاعُوهُ لِكَوْنِهِ سُلْطَانًا لَا بِمُجَرَّدِ الدِّينِ.

وَعَامَّتُهُم لَا يَلْتَزِمُونَ أَدَاءَ الْوَاجِبَاتِ لَا مِن الصَّلَاةِ وَلَا مِن الزَّكَاةِ وَلَا مِن

<<  <  ج: ص:  >  >>