للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ب- وَإِمَّا الْغَزْوُ مَعَ الْأَمِيرِ الْفَاجِرِ فَيَحْصُلُ بِذَلِكَ دَفْعُ الْأَفْجَرِينَ، وَإِقَامَةُ أَكْثَرِ شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ، وَإِن لَمْ يُمْكِنْ إقَامَةُ جَمِيعِهَا، فَهَذَا هوَ الْوَاجِبُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَكُلّ مَا أَشْبَهَهَا؛ بَل كَثِيرٌ مِن الْغَزْوِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ لَمْ يَقَعْ إلَّا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

فَإِذَا أَحَاطَ الْمَرْءُ عِلْمًا بِمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- مِن الْجِهَادِ الَّذِي يَقُومُ بِهِ الْأُمَرَاءُ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَبِمَا نَهَى عَنْهُ مِن إعَانَةِ الظَّلَمَةِ عَلَى ظُلْمِهِمْ: عَلِمَ أَنَّ الطَّرِيقَةَ الْوُسْطَى الَّتِي هِيَ دِينُ الْإِسْلَامِ الْمَحْضِ جِهَادُ مَن يَسْتَحِقُّ الْجِهَادَ؛ كَهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ الْمَسْؤُولِ عَنْهُم مَعَ كُلِّ أَمِيرٍ وَطَائِفَةٍ هِيَ أَوْلَى بِالْإِسْلَامِ مِنْهُمْ، إذَا لَمْ يُمْكِنْ جِهَادُهُم إلَّا كَذَلِكَ، وَاجْتِنَابُ إعَانَةِ الطَّائِفَةِ الَّتِي يَغْزُو مَعَهَا عَلَى شَيءٍ مِن مَعَاصِي اللهِ؛ بَل يُطِيعُهُم فِي طَاعَةِ اللهِ، وَلَا يُطِيعُهُم فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إذ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوق فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ.

وَهَذِهِ طَرِيقَةُ خِيَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا.

وَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى كُل فكَلَّفٍ، وَهِيَ مُتَوَسِّطَةٌ بَيْنَ طَرِيقِ الحرورية وَأَمْثَالِهِمْ مِمَن يسلك مَسْلَكَ الْوَرَعِ الْفَاسِدِ النَّاشِئِ عَن قِلَّةِ الْعِلْمِ، وَبَيْنَ طَرِيقَةِ الْمُرْجِئَةِ وَأَمْثَالِهِمْ مِمَن يَسْلُكُ مَسْلَكَ طَاعَةِ الْأمَرَاءِ مُطْلَقًا وَإِن لَمْ يَكُونُوا أَبْرَارًا.

٣٤١٥ - اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ وَالْأَئِمَّةُ بَعْدَهُم عَلَى قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَإِن كَانُوا يُصَلُّونَ الْخَمْسَ وَيَصُومُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ.

وَهَؤُلَاءِ لَمْ يَكُن لَهُم شُبْهَةٌ سَائِغَةٌ، فَلِهَذَا كَانُوا مُرْتَدِّينَ (١)، وَهُم يُقَاتَلُونَ عَلَى مَنْعِهَا وَإِن أَقَرُّوا بِالْوُجُوبِ كَمَا أَمَرَ اللهُ.


(١) والرافضة كما هو معلومٌ لا يرون وجوب الزكاة، ويُسقطون هذا الركن الثابت في الكتاب والسُّنَّة =

<<  <  ج: ص:  >  >>