للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤١٦ - رَوَى مُسْلِمٌ فِي "صَحِيحِهِ" (١) عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قِصَّةَ أَصْحَابِ الْأُخْدُودِ، وَفِيهَا: أَنَّ الْغُلَامَ أَمرَ بِقَتْلِ نَفْسِهِ لِأَجْلِ مَصْلَحَةِ ظُهُورِ الدِّينِ، وَلهَذَا جَوَّزَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ أَنْ يَنْغَمِسَ الْمُسْلِمُ فِي صَفِّ الْكُفَّارِ وَإِن غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُم يَقْتُلُونَهُ؛ إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ مَصْلَحَة لِلْمُسْلِمِينَ.

٣٤١٧ - قِتَالُ التَّتَارِ الَّذِينَ قَدِمُوا إلَى بِلَادِ الشَّامِ وَاجِبٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ فَإِنَّ اللهَ يَقُولُ فِي الْقُرْآنِ: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} [الأنفال: ٣٩]، وَالدِّينُ هُوَ الطَّاعَةُ، فَإِذَا كَانَ بَعْضُ الدِّينِ للهِ وَبَعْضُهُ لِغَيْرِ اللهِ وَجَبَ الْقِتَالُ حَتَّى يَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ للهِ؛ وَلهَذَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٧٨) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [البقرة: ٢٧٨، ٢٧٩].

وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي أَهْلِ الطَّائِفِ لَمَّا دَخَلُوا فِي الْإِسْلَامٍ وَالْتَزَمُوا الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ، لَكِن امْتَنَعوا مِن تَرْكِ الرِّبَا، فَبَيَّنَ اللهُ أَنَهُم مُحَارِبُونَ لهُ وَلرَسُولِهِ إذَا لَمْ يَنْتَهُوا عَن الرِّبَا.

وَالرِّبَا هُوَ آخِرُ مَا حَرَّمَهُ اللهُ، وَهُوَ مَالٌ يُؤخَذُ بِرضى صَاحِبِهِ.

فَإِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ مُحَارِبِينَ للهِ وَرَسُولِهِ يَجِبُ جِهَادُهُمْ، فَكَيْفَ بِمَن يَتْرُكُ كَثيرًا مِن شَرَائِعِ الْإِسْلَامِ أَو أَكْثَرَهَا كَالتَّتَارِ؟

وَقَد اتَّفَقَ عُلَمَاءُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنْ الطَّائِفَةَ الْمُمْتَنِعَةَ إذَا امْتَنَعَتْ عَن بَعْضِ وَاجِبَاتِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ فَإِنَّهُ يَجِبُ قِتَالُهَا.


= والإجماع، فهم أولى بوصف الردة من مانعي الزكاة الذين حاربهم الصحابة، فهم إنما تركوا هذا الركن فقط، والرافضة تركوا أكثر أركان الإسلام المتفق عليها، فصلاتهم تختلف عن صلاتنا، وهم يستغيثون بالموتى، ويُبيحون المتعة المجمع على تحريمها، إلى غير ذلك من أنواع الشرك والفجور.
قال الشيخ رحمه الله عنهم: فِيهِمْ مِن الرَّدَّةِ عَن شَرَائِعِ الدِّينِ أعْظَمُ مِمَّا فِي مَانِعِي الزَّكَاةِ الَّذِينَ قَاتَلَهُم أَبُو بَكْرِ الصِّدِّيقُ وَالصَّحَابَةُ. (٢٨/ ٥٢٨)
(١) (٣٠٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>