النبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يُقَدِّمُ ذَوِي الْحَاجَاتِ، كَمَا قَدَّمَهُم فِي مَالِ بَنِي النَّضِيرِ.
وَلَا يَجُوزُ لِلإِمَامِ أَنْ يُعْطِيَ أَحَدًا مَا لَا يَسْتَحِقُّهُ لِهَوَى نَفْسِهِ.
لَكِنْ يَجُوزُ -بَل يَجِبُ- الْإِعْطَاءُ لِتَأْلِيفِ مَن يَحْتَاجُ إلَى تَأْلِيفِ قَلْبِهِ، وَإِن كَانَ هُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ ذَلِكَ، كَمَا أَبَاحَ اللهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ الْعَطَاءَ لِلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم مِن الصَّدَقَاتِ، وَكَمَا كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يُعْطِي الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُم مِن الْفَيءِ وَنَحْوِهِ، وَهُم السَّادَةُ الْمُطَاعُونَ فِي عَشَائِرِهِمْ.
وَهَذَا النَّوْعُ مِن الْعَطَاء وَإِن كَانَ ظَاهِرُهُ إعْطَاءَ الرُّؤَسَاءِ وَتَرْكُ الضُّعَفَاءِ كَمَا يَفْعَلُ الْمُلوكُ؛ فَالْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ؛ فَإِذَا كَانَ الْقَصْدُ بِذَلِكَ مَصْلَحَةَ الدِّينِ وَأَهْلِهِ كَانَ مِن جِنْسِ عَطَاءِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- وَخُلَفَائِهِ، وَإِن كَانَ الْمَقْصُودُ الْعُلُوَّ فِي الْأَرْضِ وَالْفَسَادَ كَانَ مِن جِنْسِ عَطَاءِ فِرْعَوْنَ.
٣٤٢٥ - الْأَمْوَالُ الَّتِي لَهَا أَصْل فِي كِتَابِ اللهِ الَّتِي يَتَوَلَّى قَسْمَهَا وُلَاةُ الْأمْرِ ثَلَاثَةٌ:
أ- مَالُ الْمَغَانِمِ: وَهَذَا لِمَن شَهِدَ الْوَقْعَةَ، إلَّا الْخُمُسَ فَإِنَّ مَصْرِفَهُ مَا ذَكَرَهُ اللهُ فِي قَوْلِهِ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ} [الأنفال: ٤١].
وَالْمَغَانِمُ مَا أخِذَ مِن الْكُفَّارِ بِالْقِتَالِ، فَهَذه الْمَغَانِمُ وَخُمُسُهَا.
ب- وَالثَّانِي: الْفَيءُ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْحَشْرِ حَيْثُ قَالَ: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ} [الحشر: ٦].
وَمَعْنَى قَوْلِهِ: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ}؛ أَيْ: مَا حَرَّكْتُمْ وَلَا أَعْمَلْتُمْ وَلَا سُقْتُمْ، يُقَالُ: وَجَفَ الْبَعِيرُ يَجِفُ وُجُوفًا وأوجفته: إذَا سَارَ نَوْعًا مِن السَّيْرِ.
فَهَذَا هُوَ الْفَيْءُ الَّذِي أَفَاءَهُ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ، وَهُوَ مَا صَارَ لِلْمُسْلِمِينَ بِغَيْرِ إيجَافِ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ، وَذَلِكَ عِبَارَةٌ عَن الْقِتَال؛ أَيْ: مَا قَاتَلْتُمْ عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute