للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَمَا قَاتَلُوا عَلَيْهِ كَانَ لِلْمُقَاتِلَةِ، وَمَا لَمْ يُقَاتِلُوا عَلَيْهِ فَهُوَ فَيْءٌ؛ لِأَنَّ اللهَ أَفَاءَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

وَهَذَا الْفَيْءُ لَمْ يَكُن مِلْكًا لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فِي حَيَاتِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَد: كَانَ مِلْكًا لَهُ.

وَأَمَّا مَصْرِفُهُ بَعْدَ مَوْتِهِ: فَقَد اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنْ يُصْرَفَ مِنْه أَرْزَاق الْجُنْدِ الْمُقَاتِلِينَ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ الْكُفَّارَ؛ فَإِنَّ تَقْوِيَتَهُم تُذِلُّ الْكُفَّارَ فَيُؤْخَذُ مِنْهُم الْفيْءُ.

وَتَنَازَعُوا هَل يُصْرَفُ فِي سَائِرِ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ أَمْ تُخْتَصُّ بِهِ الْمُقَاتِلَةُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ وَوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَد، لَكِنَّ الْمَشْهُورَ فِي مَذْهَبِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ: أَنَّهُ لَا يُخْتَصُّ بِهِ الْمُقَاتِلَةُ؛ بَل يُصْرَفُ فِي الْمَصَالِحِ كُلِّهَا.

وَعَلَى الْقَوْلَيْنِ: يُعْطَى مَن فِيهِ مَنْفَعَةٌ عَامَّةٌ لِأَهْلِ الْفَيءِ.

ج- وَأَمَّا الْمَالُ الثَّالِثُ؛ فَهُوَ الصَّدَقَاتُ الَّتِي هِيَ زَكَاةُ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ: زَكَاةُ الْحَرْثِ وَهِيَ الْعُشُورُ وَأَنْصَافُ الْعُشُورِ الْمَأْخُوذَةُ مِنَ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ، وَزَكَاةُ الْمَاشِيَةِ وَهِيَ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ، وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ، وَزَكَاةُ النَّقْدَيْنِ.

فَهَذَا الْمَالُ مَصْرِفُهُ مَا ذَكَرَهُ اللهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦٠)} [التوبة: ٦٠].

إذَا تَبَيَّنَ هَذَانِ الْأَصْلَانِ فَنَقُولُ: مَن كَانَ مِن ذَوِي الْحَاجَاتِ: كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْغَارِمِينَ وَابْنِ السَّبِيلِ: فَهَؤُلَاءِ يَجُوزُ بَل يَجِبُ أَنْ يُعْطَوا مِن الزَّكَوَاتِ، وَمِن الْأَمْوَالِ الْمَجْهُولَةِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ.

وَكَذَلِكَ يُعْطَوا مِن الْفَيْءِ مِمَّا فَضَلَ مِن الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ.

سَوَاءٌ كَانُوا مُشْتَغِلِينَ بِالْعِلْمِ الْوَاجِبِ عَلَى الْكِفَايَةِ أَو لَمْ يَكونُوا، وَسَوَاءٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>