للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤٢٦ - قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَامَ حنين: "لَيْسَ لِي مِمَّا أفَاءَ اللهُ عَلَيْكُمْ إلَّا الْخُمُسُ وَالْخُمُسُ مَرْدُودٌ عَلَيْكُمْ" (١)؛ أَيْ: لَيْسَ لَهُ بِحُكْمِ الْقَسْمِ الَّذِي يُرْجَعُ فِيهِ إلَى اجْتِهَادِهِ وَنَظَرِهِ الْخَاصّ إلَّا الْخُمُسُ، وَلهَذَا قَالَ: "وهو مردود عليكم" بِخِلَافِ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِ الْغَنِيمَةِ، فَإِنَّهُ لِمَن شَهِدَ الْوَقْعَةَ.

وَلهَذَا كَانَت الْغَنَائِمُ يُقَسِّمُهَا الْأُمَرَاءُ بَيْنَ الْغَانِمِينَ، وَالْخُمُسُ يُرْفَعُ إلَى الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ الَّذِينَ خَلَفُوا رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي أُمَّتِهِ (٢)؛ فَيُقَسِّمُونَهَا بِأمْرِهِمْ، فَأَمَّا أَرْبَعَةُ الأخْمَاسِ فَإنَّمَا يَرْجِعُونَ فِيهَا لِيُعْلَمَ حُكْمُ اللهِ وَرَسُولِهِ، كَمَا يَسْتَفْتِي الْمُسْتَفْتِي، وَكَمَا كَانُوا فِي الْحُدُودِ لِمَعْرِفَةِ الْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ، وَالنَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ قُلُوبُهُم مِن غَنَائِمِ حنين مَا أَعْطَاهُمْ؛ فَقِيلَ: إنَّ ذَلِكَ كَانَ مِن الْخُمُسِ، وَقِيلَ: إنَّه كَانَ مِن أَصْلِ الْغَنِيمَةِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَهُوَ فَعَلَ ذَلِكَ لِطِيبِ نُفُوسِ الْمُؤمِنِينَ بِذَلِكَ؛ وَلهَذَا أَجَابَ مَن عَتَبَ مِن الْأنْصَارِ بِمَا أَزَالَ عَتْبَهُ وَأَرَادَ تَعْوِيضَهُم عَن ذَلِكَ.

٣٤٢٧ - الْعَطَاءُ إذَا كَانَ لِمَنْفَعَةِ الْمُسْلِمِينَ: لَمْ يُنْظَرْ إلَى الْآخِذِ هَل هُوَ صَالِحُ النِّيَّةِ أَو فَاسِدُهَا.

وَلَمَّا كَانَ عَامَ حنين قَسَمَ غَنَائِمَ حنين بَيْنَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُم مِن أَهْلِ نَجْدٍ وَالطُّلَقَاءِ مِن قُرَيْشٍ كعُيَيْنَة بْنِ حِصْنٍ وَالْعَبَّاسِ بْنِ مِرْدَاسٍ وَالْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وَأَمْثَالِهِمْ، وَبَيْنَ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرو وَصَفْوَانِ بْنِ أُمَيَّةَ وَعِكْرِمَةَ بْن أَبِي جَهْلٍ وَأَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْب وَابْنِهِ مُعَاوِيةَ وَأَمْثَالِهِمْ مِن الطُّلَقَاءِ الَّذِينَ أَطْلَقَهُم عَامَ الْفَتْحِ، وَلَمْ يُعْطِ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ شَيْئًا.


(١) صحَّحه الألباني في إرواء الغليل (١٢٤٠) بلفظ: "والذي نفسي بيده ما لي مما أفاء الله عليكم … " الحديث.
(٢) هذا يدل على أنّ شيخ الإسلام يرى أنّ المقصود بالخلفاء الراشدين في حديث: "فعليكم بسُنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديين" كل خليفةٍ راشد عادل، وليس محصورًا على أبي بكر وعمر وعثمان وعلي -رضي الله عنهم-، وهذا اختيار بعض العلماء كالصنعاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>