للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "لَا تَصْلُحُ قِبْلَتَانِ بِأَرْض وَلَا جِزْيَة عَلَى مُسْلِمٍ".

٣٤٥١ - الْمَدِينَةُ الَّتِي يَسْكُنُهَا الْمُسْلِمُونَ وَالْقَرْيَةُ الَّتِي يَسْكُنُهَا الْمُسْلِمُونَ وَفِيهَا مَسَاجِدُ الْمُسْلِمِينَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَظْهَرَ فِيهَا شَيءٌ مِن شَعَائِرِ الْكُفْرِ، لَا كَنَائِسَ وَلَا غَيْرهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُم عَهْدٌ فَيُوَفَّى لَهُم بِعَهْدِهِمْ.

فَلَو كَانَ بِأرْضِ الْقَاهِرَةِ وَنَحْوِهَا كَنِيسَةٌ قَبْلَ بِنَائِهَا لَكَانَ لِلْمُسْلِمِينَ أَخْذُهَا؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ عَنْوَةٌ، فَكَيْفَ وَهَذِهِ الْكَنَائِسُ مُحْدَثَةٌ أَحْدَثَهَا النَّصَارَى؟

فَإِنَّ الْقَاهِرَةَ بَقِيَ وُلَاةُ امُورِهَا نَحْو مِائَتَي سَنَةٍ عَلَى غَيْرِ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ (١)، وَكَانُوا يُظْهِرُونَ أَنَّهُم رَافِضَةٌ وَهُم فِي الْبَاطِنِ: إسْمَاعِيلِيَّة ونصيرية وَقَرَامِطَةٌ بَاطِنِيَّةٌ، كَمَا قَالَ فِيهِمْ الْغَزَالِيُّ -رحمه الله تَعَالَى- فِي كِتَابِهِ الَّذِي صَنَّفَهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِم: ظَاهِرُ مَذْهَبِهِم الرَّفْضُ وَبَاطِنُهُ الْكُفْرُ الْمَحْضُ.

وَهَؤُلَاءِ أَعْظَمُ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلْمُسْلِمِينَ وَمُلُوكِهِمْ، ثُمَّ الرَّافِضَة بَعْدَهُمْ (٢).

٣٤٥٢ - قَد عَرَفَ الْعَارِفُونَ بِالْإِسْلَامِ: أَنَّ الرَّافِضَةَ تَمِيلُ مَعَ أَعْدَاءِ الدِّينِ، وَلَمَّا كَانُوا مُلُوكَ الْقَاهِرَةِ كَانَ وَزِيرُهُم مَرَّةً يَهُوديًّا، وَمَرَّة نَصْرَانِيًّا أَرْمِينِيًّا، وَقَوِيَت النَّصَارَى بِسَبَبِ ذَلِكَ النَّصْرَانِيِّ الْأَرْمِينِيِّ، وَبَنَوْا كَنَائِسَ كَثِيرَةً بِأرْضِ مِصْرَ فِي دَوْلَةِ أُولَئِكَ الرَّافِضَةِ الْمُنَافِقِينَ، وَكَانُوا يُنَادُونَ بَيْنَ الْقَصْرَيْنِ: مَن لَعَنَ وَسَبَّ فَلَهُ دِينَارٌ وإرْدَبٌّ.


(١) ومع ذلك ظلت مصر السنية على دينها وعقيدتها طوال هذه السنين الطويلة، التي تعاقب عليها الأجيال تلو الأجيال، ولقد أذهب الله دين الرافضة في مصر بذهاب حُكامهم، وبقي وذكرهم السيّء، فدين الرافضة لا تتقبله النفوس الزكيّة، والعقول السليمة، والشعوب الأبيّة.
فلن نيأس من الله تعالى أنْ يُزيل دين الرافضة من بلاد الشام والعراق ولبنان واليمن، الذي جيء به بقوة المال والسلاح منذ أزمنة طويلة، وعثا أصحابُه في هذه البلاد الفساد والشر، ففرجُ اللهِ تعالى قريب، ونصرُه ليس ببعيد.
(٢) فهما طائفتان مختلفتان، وكلاهما عدوتان لدودتان للمسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>