للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي أَيَّامِهِمْ أَخَذَت النَّصَارَى سَاحِلَ الشَامِ مِن الْمُسْلِمِينَ حَتَّى فَتَحَهُ نورُ الدِّينِ وَصَلَاحُ الدِّينِ.

وَفِي أَيَّامِهِمْ جَاءَت الفرنج إلَى بلبيس وَغَلَبُوا مِن الفرنج؛ فَإِنَّهُم مُنَافِقُونَ، وَأَعَانَهُم النَّصَارَى، وَاللهُ لَا يَنْصُرُ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ هم يُوَالُونَ النَّصَارَى، فَبَعَثُوا إلَى نُورِ الدِّينِ يَطْلُبُونَ النَّجْدَةَ، فَأَمَدَّهُم بِأَسَدِ الدِّينِ وَابْنِ أَخِيهِ صَلَاحِ الدِّينِ، فَلَمَّا جَاءَت الْغُزَاةُ الْمُجَاهِدُونَ إلَى دِيَارِ مِصْرَ قَامَت الرَّافِضةُ مَعَ النَّصَارَى فَطَلَبُوا قِتَالَ الْغزَاةِ الْمُجَاهِدِينَ الْمُسْلِمِينَ، وَجَرَتْ فُصُولٌ يَعْرِفُهَا النَّاسُ حَتَّى قَتَلَ صَلَاحُ الدِّينِ مُقَدِّمَهُم شَاوَرَ.

وَمِن حِينَئِذٍ ظَهَرَتْ بِهَذِهِ الْبِلَادِ كَلِمَة الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةُ وَالْجَمَاعَةُ.

فَبِهَذَا السَّبَبِ وَأَمْثَالِهِ كَانَ إحْدَاثُ الْكَنَائِسِ فِي الْقَاهِرَةِ وَغَيْرِهَا، وَقَد كَانَ فِي بَرِّ مِصْرَ كَنَائِسُ قَدِيمَةٌ، لَكِنْ تِلْكَ الْكَنَائِس أَقَرَّهُم الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهَا حِينَ فَتَحُوا الْبِلَادَ؛ لأنَّ الْفَلَّاحِينَ كَانُوا كُلُّهُم نَصَارَى وَلَمْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ، وإِنَّمَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ الْجُنْدُ خَاصَّةً.

وَهَكَذَا الْقَرْيَةُ الَّتِي يَكُونُ أَهْلُهَا نَصَارَى وَلَيْسَ عِنْدَهُم مُسْلِمُونَ وَلَا مَسْجِدٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَإِذَا أَقَرَّهُم الْمُسْلِمُونَ عَلَى كَنَائِسِهِمْ الَّتِي فِيهَا جَازَ ذَلِكَ كَمَا فَعَلَهُ الْمُسْلِمُونَ.

وَأَمَّا إذَا سَكَنَهَا الْمُسْلِمُونَ وَبَنَوْا بِهَا مَسَاجِدَهُمْ: فَقَد قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -:"لَا تَصْلُحُ قِبْلَتَانِ بِأَرْض" (١)، وَفي أَثَرٍ آخَرَ: "لَا يَجْتَمِعُ بَيْتُ رَحْمَةٍ وَبَيْتُ عَذَابٍ".

فَكَانَ وُلَاةُ الْأمُورِ الَّذِينَ يَهْدِمُونَ كَنَائِسَهُم وَيُقِيمُونَ أَمْرَ اللهِ فِيهِمْ كعُمَر بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَهَارُونَ الرَّشِيدِ وَنَحْوِهِمَا: مُؤَيّدِينَ مَنْصُورِينَ، وَكَانَ الَّذِينَ هُم بِخِلَافِ ذَلِكَ مَغْلُوبِينَ مقهُورِينَ.


(١) رواه الترمذي (٦٣٣)، وأحمد (١٩٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>