وَإِنَّمَا كَثُرَت الْفِتَنُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَتَفَرَّقوا عَلَى مُلُوكِهِمْ مِن حِينِ دَخَلَ النَّصَارَى مَعَ وُلَاةِ الْأمُورِ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي دَوْلَةِ الْمُعِزِّ وَوِزَارَةِ الْفَائِزِ، وَتَفَرُّقِ الْبَحْرِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَقَد أَخَذَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُم كَنَائِسَ كَثِيرَةً مِن أَرْضِ الْعَنْوَةِ بَعْدَ أَنْ أقِرُّوا عَلَيْهَا فِي خِلَافَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ مِن الْخُلَفَاءِ، وَلَيْسَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَن أَنْكَرَ ذَلِكَ.
فَعُلِمَ أَنَّ هَدْمَ كَنَائِس الْعَنْوَةِ جَائِزٌ إذَا لَمْ يَكُن فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.
فَإِعْرَاضُ مَن أَعْرَضَ عَنْهُم كَانَ لِقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْو ذَلِكَ مِن الْأَسْبَابِ كَمَا أَعْرَضَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَن إجْلَاءِ الْيَهُودِ حَتَّى أَجْلَاهُم عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه-.
٣٤٥٣ - وَسُئِلَ: عَن نَصْرَانِيٍّ قِسِّيسٍ بِجَانِبِ دَارِهِ سَاحَةٌ بِهَا كَنِيسَةٌ خَرَابٌ لَا سَقْفَ لَهَا، وَلَمْ يَعْلَمْ أَحدٌ مِن الْمُسْلِمِينَ وَقْتَ خَرَابِهَا، فَاشْتَرَى الْقِسِّيسُ السَّاحَةَ وَعَمَّرَهَا وَأَدْخَلَ الْكَنِيسَةَ فِي الْعِمَارَةِ وَأَصْلَحَ حِيطَانَهَا وَعَمَّرَهَا.
فَأَجَابَ: لَيْسَ لَه أَنْ يُحْدِثَ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْكَنِيسَةِ، وَإِن كَانَ هُنَاكَ آثَارُ كَنِيسَةٍ قَدِيمَةٍ بِبَرِّ الشَّامِ، فَإِنَّ بَرَّ الشَّامِ فَتَحَهُ الْمُسْلِمُونَ عنْوَةً وَمَلَكُوا تِلْكَ الْكَنَائِسَ، وَجَازَ لَهُم تَخْرِيبُهَا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ، وَإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي وُجُوبِ تَخْرِيبِهَا.
٣٤٥٤ - لَا نِزَاعَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ أَرْضَ الْمُسْلِمِينَ لَا يَجُوزُ أَنْ تُحْبَسَ عَلَى الدِّيَارَاتِ وَالصَّوَامِعِ، وَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهَا؛ بَل لَو وَقَفَهَا ذِمِّيٌّ وَتَحَاكَمَ إلَيْنَا لَمْ نَحْكُمْ بِصِحَّةِ الْوَقْفِ، فَكيْفَ بِحَبْسِ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَعَابِدِ الْكُفَّارِ الَّتِي يُشْرَكُ فِيهَا بِالرَّحْمَنِ وَيُسَبُّ اللهُ وَرَسُولُهُ فِيهَا أَقْبَحَ سَبٍّ؟
وَكَانَ مِن سَبَبِ إحْدَاثِ هَذِهِ الْكَنَائِسِ وَهَذِهِ الْأَحْبَاسِ عَلَيْهَا شَيْئَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَنِي عُبَيْدٍ الْقَدَّاحَ - الَّذِينَ كَانَ ظَاهِرُهُم الرَّفْضَ وَبَاطِنُهُم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute