للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَدِينُ الْإِسْلَامِ يَأْمُرُنَا أَنْ نُعِينَ الْفَقِيرَ وَالضَّعِيفَ، فَالْمَلِكُ أَحَقُّ أَنْ يُسَاعِدَ عَلَى ذَلِكَ مِن وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، لَا سِيَّمَا وَالْمَسِيحُ يُوصِي بِذَلِكَ فِي الْإِنْجِيلِ، وَيَأْمُرُ بِالرَّحْمَةِ الْعَامَّةِ وَالْخَيْرِ الشَّامِلِ كَالشَّمْسِ وَالْمَطَرِ.

وَالْمَلِكُ وَأَصْحَابُهُ إذَا عَاوَنُونَا عَلَى تَخْلِيصِ الْأَسْرَى وَالْإِحْسَانِ إلَيْهِم كَانَ الْحَظُّ الْأَوْفَرُ لَهُم فِي ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

أَمَّا فِي الْآخِرَةِ: فَإِنَّ اللهَ يُثِيبُ عَلَى ذَلِكَ وَيَأْجُرُ عَلَيْهِ، وَهَذَا مِمَّا لَا رَيْبَ فِيهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ الْمَسِيحِيَّينَ الَّذِينَ لَا يَتَّبِعُونَ الْهَوَى.

أَمَّا فِي الدُّنْيَا: فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ أَقْدَرُ عَلَى الْمُكَافَأةِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرَّ مِن كُلِّ أَحَدٍ، وَمَن حَارَبُوهُ فَالْويلُ كُلَّ الْوَيْلِ لَهُ.

ثُمَّ إنَّ فِي بِلَادِهِمْ مِن النَّصَارَى أَضْعَافَ مَا عِنْدَكُمْ مِن الْمُسْلِمِينَ؛ فَإِنَّ فِيهِمْ مِن رُؤُوسِ النَّصَارَى مَن لَيْسَ فِي الْبَحْرِ مِثْلُهُم إلَّا قَلِيلٌ.

وَأَمَّا أُسَرَاءُ الْمُسْلِمِينَ فَلَيْسَ فِيهِمْ مَن يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَلَا مَن يَنْتَفِعُونَ بِهِ، وَإِنَّمَا نَسْعَى فِي تَخْلِيصِهِمْ لِأجْلِ اللهِ تَعَالَى رَحْمَةً لَهُم وَتَقَرُّبًا إلَيْهِ يَوْمَ يَجْزِي اللهُ الْمُصَدَّقِينَ وَلَا يُضَيَّعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ.

وَاَلَّذِي أَخْتِمُ بِهِ الْكِتَابَ الْوَصِيَّةَ بِالشَّيْخِ أَبِي الْعَبَّاسِ وَبِغَيْرِهِ مِن الْأسْرَى وَالْمُسَاعَدَةِ لَهُمْ، وَالرِّفْق بِمَن عِنْدَهُم مِن أَهْلِ الْقُرْآَنِ، وَالِامْتِنَاعِ مِن تَغْيِيرِ دِينِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، وَسَوْفَ يَرَى الْمَلِكُ عَاقِبَةَ ذَلِكَ كُلَّهِ.

وَنَحْنُ نَجْزِي الْمَلِكَ عَلَى ذَلِكَ بِأَضْعَافِ مَا فِي نَفْسِهِ، وَاللهُ يَعْلَمُ أَنِّي قَاصِدٌ لِلْمَلِكِ الْخَيْرَ؛ لِأنَّ اللهَ تَعَالَى أَمَرَنَا بِذَلِكَ وَشَرَعَ لَنَا أَنْ نُرِيدَ الْخَيْرَ لِكُلَّ أَحَدٍ وَنَعْطِفَ عَلَى خلقِ اللهِ، وَنَدْعُوهُم إلَى اللهِ وَإِلَى دِينِهِ وَنَدْفَع عَنْهُم شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنَّ.

وَاللهُ الْمَسْؤُولُ أَنْ يُعِينَ الْمَلِكَ عَلَى مَصْلَحَتِهِ الَّتِي هِيَ عِنْدَ اللهِ الْمَصْلَحَةُ، وَأَنْ يُخَيِّرُ لَهُ مِن الْأَقْوَالِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ اللهِ، وَيَخْتِمَ لَهُ بِخَاتِمَةِ خَيْرٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>