للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَأَبْلَغُ مِن هَذَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ قَدِ الْتَزَمُوا أَلَّا يَبِيعَ الطَّعَامَ أَو غَيْرَهُ إلَّا أُنَاسٌ مَعْرُوفُونَ، لَا تُبَاعُ تِلْكَ السَّلَعُ إلَّا لَهُم، ثُمَّ يَبِيعُونَهَا هُم، فَلَو بَاعَ غَيْرُهُم ذَلِكَ مُنِعَ .. : فَهَهُنَا يَجِبُ التَّسْعِيرُ عَلَيْهِمْ، بِحَيْثُ لَا يَبِيعُونَ إلَّا بِقِيمَةِ الْمِثْلِ، وَلَا يَشْتَرُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ إلَّا بِقِيمَةِ الْمِثْل بِلَا تَرَدُّدٍ فِي ذَلِكَ عِنْدَ أحَدٍ مِن الْعُلَمَاءِ.

وَمَا احْتَاجَ إلَى بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ عُمُومُ النَّاسِ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ لَا يُبَاعَ إلَّا بِثَمَنِ الْمِثْلِ، إذَا كَانَت الْحَاجَةُ إلَى بَيْعِهِ وَشِرَائِهِ عَامَّةً.

٣٤٩٠ - قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِن الْفُقَهَاءِ مِن أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ كَأَبِي حَامِدٍ الْغَزَالِيِّ وَأَبِي الْفَرَجِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرِهِمْ: إنَّ هَذِهِ الصِّنَاعَاتِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ؛ فَإِنَّهُ لَا تَتِمُّ مَصْلَحَةُ النَّاسِ إلَّا بِهَا؛ كَمَا أَنَّ الْجِهَادَ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، إلَّا أَنْ يَتَعَيَّنَ فَيَكونُ فَرضًا عَلَى الْأَعْيَانِ.

٣٤٩١ - طَلَبُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ فَرْضٌ عَلَى الْكفَايَةِ إلَّا فِيمَا يَتَعَيَّنُ؛ مِثْل طَلَبِ كُلَّ وَاحِدٍ عِلْمَ مَا أَمَرَهُ اللهُ بِهِ وَمَا نَهَاهُ عَنْهُ؛ فَإِنَّ هَذَا فَرْضٌ عَلَى الْأَعْيَانِ، كَمَا أَخْرَجَاهُ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" عَن النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: "مَن يُرِد اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدَّينِ" (١)، وَكُلُّ مَن أَرَادَ اللهُ بِهِ خَيْرًا لَا بُدَّ أَنْ يُفَقِّهَهُ فِي الدِّينِ، فَمَن لَمْ يُفَقِّهْهُ فِي الدَّينِ لَمْ يُرِد الله بِهِ خَيْرًا.

وَالدِّينُ: مَا بَعَثَ اللهُ بِهِ رَسُولَه، وَهُوَ مَا يَجِبُ عَلَى الْمَرْءِ التَّصْدِيقُ بِهِ وَالْعَمَلُ بِهِ.

٣٤٩٢ - الْعَاجِزُ عَن الْجِهَادِ بِنَفْسِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْجِهَادُ بِمَالِهِ فِي أَصَحِّ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ إحْدَى الرَّوَايَتَيْنِ عَن أَحْمَد؛ فَإِنَّ اللهَ أَمَرَ بِالْجِهَادِ بِالْمَالِ وَالنَّفْسِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِن الْقُرْآنِ، وَقَد قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: ١٦].


(١) أخرجه البخاري (٣١١٦)، ومسلم (١٠٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>