فَمَن عَجَزَ عَن الْجِهَادِ بِالْبَدَنِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْجِهَادُ بِالْمَالِ، كَمَا أَنَّ مَن عَجَزَ عَن الْجِهَادِ بِالْمَالِ لَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ الْجِهَادُ بِالْبَدَنِ.
٣٤٩٣ - إذَا امْتَنَعَ النَّاسُ مِن بَيْعِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِم بَيْعُهُ: فَهُنَا يُؤمَرُونَ بِالْوَاجِبِ، وَيُعَاقَبُونَ عَلَى تَرْكِهِ.
وَكَذَلِكَ مَن وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ بِثَمَنِ الْمِثْل فَامْتَنَعَ أَنْ يَبِيعَ إلَّا بِأَكْثَرَ مِنْهُ: فَهُنَا يُؤْمَرُ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَيُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ بِلَا رَيْبٍ.
وَمَن مَنَعَ التَّسْعِيرَ مُطْلَقًا مُحْتَجًّا بِقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ، وَإِنَّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى الله وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطَالِبُني بِمَظْلِمَةٍ فِي دَم وَلَا مَالٍ" (١): فَقَد غَلِطَ؛ فَإِنَّ هَذِهِ قَضِيَّةٌ مُعَيَّنَةٌ لَيْسَتْ لَفْظًا عَامًّا، وَلَيْسَ فِيهَا أَنَّ أَحَدًا امْتَنَعَ مِن بَيْعٍ يَجِبُ عَلَيْهِ، أَو عَمَلٍ يَجِبُ عَلَيْهِ، أَو طَلَبَ فِي ذَلِكَ أَكْثَرَ مِن عِوَضِ الْمِثْلِ.
٣٤٩٤ - إذَا قُدِّرَ أنَّ قَوْمًا اُضْطُرُّوا إلَى سُكْنَى فِي بَيْتِ إنْسَانٍ إذَا لَمْ يَجِدُوا مَكَانًا يَأْوُونَ إلَيْهِ إلَّا ذَلِكَ الْبَيْتَ: فَعَلَيْهِ أَنْ يُسَكِّنَهُمْ.
وَكَذَلِكَ لَو احْتَاجُوا إلَى أَنْ يُعِيرَهُم ثِيَابًا يَسْتَدْفِئُونَ بِهَا مِن الْبَرْدِ، أَو إلَى آلَاتٍ يَطْبُخُونَ بِهَا، أَو يَبْنُونَ أَو يَسْقُونَ: يَبْذُلُ هَذَا مَجَّانًا.
وَإِذَا احْتَاجُوا إلَى أَنْ يُعِيرَهُم دَلْوًا يَسْتَقُونَ بِهِ، أَو قِدْرًا يَطْبُخُونَ فِيهَا، أَو فَأْسًا يَحْفِرُونَ بِهِ: فَهَل عَلَيْهِ بَذْلُهُ بِأُجْرَةِ الْمِثْل لَا بِزِيَادَةٍ؟ فِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ، وَالصَّحِيحُ وُجُوبُ بَذْلِ ذَلِكَ مَجَّانًا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا مُسْتَغْنِيًا عَن تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ وَعِوَضِهَا؛ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ قَالَ اللهُ تَعَالَى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (٧)} [الماعون: ٤ - ٧].
(١) رواه أبو داود (٣٤٥١)، والترمذي (١٣١٤)، وابن ماجه (٢٢٠٠)، وقال الترمذي: هذا الحديث حسن صحيح.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute