للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِذَلِكَ كُلَّ مُسْتَرْسِلٍ، وَالْمُسْتَرْسِلُ: الَّذِي لَا يُمَاكِسُ وَالْجَاهِلُ بِقِيمَةِ الْمَبِيعِ؛ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْجَالِبِينَ الْجَاهِلِينَ بِالسَّعْرِ.

فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ لَا يَبِيعَ مِثْل هَؤُلَاءِ إلَّا بِالسَّعْرِ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ ثَمَنُ الْمِثْل، وَإِن لَمْ يَكُن هَؤُلَاءِ مُحْتَاجِينَ إلَى الِابْتِيَاعِ مِن ذَلِكَ الْبَائِعِ، لَكِنْ لِكَوْنِهِمْ جَاهِلِينَ بِالْقِيمَةِ، أَو مُسْلِمِينَ إلَى الْبَائِع غَيْرَ مُمَاكِسين لَهُ، وَالْبَيْعُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الرِّضَا، وَالرِّضا يَتْبَعُ الْعِلْمَ، وَمَن لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ غَبْنٌ فَقَد يَرْضَى وَقَد لَا يَرْضَى، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ غُبِنَ وَرَضِيَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَرْضَ بِثَمَنِ الْمِثْل لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى سَخَطِهِ.

وَلِهَذَا أَثْبَتَ الشَّارعُ الْخِيَارَ لِمَن لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ أَو التَّدْلِيسِ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الْبَيْع الصِّحَّةُ وَأَنْ يَكونَ الْبَاطِنُ كَالظَّاهِرِ، فَإِذَا اشْتَرَى عَلَى ذَلِكَ فَمَا عُرِفَ رِضَاهُ إلَّا بِذَلِكَ، فَإِذَا تَبَيَّنَ أَنَّ فِي السِّلْعَةِ غِشًّا أَو عَيْبًا فَهُوَ كَمَا لَو وَصَفَهَا بِصِفَةٍ وَتبَيَّنَتْ بِخِلَافِهَا، فَقَد يَرْضَى وَقَد لَا يَرْضَى، فَإِنْ رَضِيَ وَإِلَّا فَسَخَ الْبَيْعَ.

٣٤٩٧ - الْعُقُوبَةُ لَا تَكُونُ إلَّا عَلَى ذَنْبٍ ثَابِتٍ، وَأَمَّا الْمَنْعُ وَالِاحْتِرَاز فَيَكُونُ مَعَ التُّهْمَةِ.

٣٤٩٨ - الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَن الْمُنْكَرِ لَا يَتِمُّ إلَّا بِالْعُقُوبَاتِ الشَّرْعِيَّةِ (١)؛ فَإِنَّ اللهَ يَزَعُ بِالسُّلْطَانِ مَا لَا يَزَعُ بِالْقُرْآنِ.

وَإِقَامَةُ الْحُدُودِ وَاجِبَةٌ عَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ.

٣٤٩٩ - التَّعْزِيرُ أَجْنَاسٌ، فَمِنْهُ مَا يَكُونُ بِالتَّوْبِيخِ وَالزَّجْرِ بِالْكَلَامِ، وَمِنْهُ مَا


(١) وهذا بخلاف ما يُنادي به التغريبيون من اقتصار الآمرين بالمعروف والنَّاهين عن المنكر على النصح والتوجيه فحسب، وأن يتركوا الناس يختارون ما يشاؤون، فلا إكراه في الدين!
وهذا خطأ محض، فالإسلام لا يُكره الناس على إدخالهم في الدين، لكن لا يجوز أن يُمكن الناس من إظهار ما يُخالف الإسلام ويُجرئ بعضهم بعضًا على انتهاك الحرمات، وترك الواجبات، وإلا ضاع الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>