وَقَبَضَ مِنْهُ الثَّمَنَ فَلَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ مِن هَذِهِ السِّلْعَةِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى.
٣٥٣٦ - إِنَّ النَّاسَ إذَا اضْطُرُّوا إلَى مَا عِنْدَ الْإِنْسَانِ مِن السِّلْعَةِ وَالْمَنْفَعَةِ: وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُبْذَلَ لَهُم بِقِيمَةِ الْمِثْلِ، وَمَنْعُهُ أَنْ لَا يَبِيعَ سِلْعَةً حَتَّى يَبِيعَ مِقْدَارًا مُعَيَّنًا.
٣٥٣٧ - إِنَّ التَّحْرِيمَ فِي حَقِّ الْآدَمِيّينَ إذَا كَانَ مِن أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْجَانِبِ الآخَرِ؛ كَمَا لَو اشْتَرَى الرَّجُلُ ملْكَهُ الْمَغْصُوبَ مِن الْغَاصِبِ، فَإنَّ الْبَائِعَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُ الثَّمَنِ وَالْمُشْتَرِي لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَخْذُ مِلْكِهِ وَلَا بَذْلُ مَا بَذَلَهُ مِن الثَّمَنِ؛ وَلهَذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ: يَجُوزُ رِشْوَةُ الْعَامِلِ لِدَفْعِ الظُّلْمِ لَا لِمَنْعِ الْحَقِّ، وَإِرْشَاؤُهُ حَرَامٌ فِيهِمَا.
وَكَذَلِكَ الْمَرْأَةُ الْمُطَلَّقَةُ ثَلَاثًا إذَا جَحَدَ الزَّوْجُ طَلَاقَهَا فَافْتَدَتْ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْخلْعِ فِي الظَّاهِرِ كَانَ حَرَامًا عَلَيْهِ مَا بَذَلَتْهُ وَيُخَلِّصُهَا مِن رِقِّ اسْتِيلَائِهِ.
٣٥٣٨ - نَصَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِن الْعُلَمَاءِ كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ عَلَى أَنَّ مَن اشْتَرَى شَيْئًا فَظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ، وَلَمْ يَعْرِفْ مَالِكَهُ: فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ ويَأْخُذَ ثَمَنَهُ، وَلَكِنْ يَتَصَدَّقَ بِالرِّبْحِ.
٣٥٣٩ - قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: لَا خَيْرَ فِيمَن لَا يُحِبُّ الْمَالَ: يَعْبُدُ بِهِ رَبَّهُ، ويُؤَدِّي بِهِ أَمَانتَهُ، وَيَصُونُ بِهِ نَفْسَهُ، وَيَسْتَغْنِي بِهِ عَن الْخَلْقِ.
وَفِي "السُّنَنِ" (١) عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "ثَلَاَثة حَقٌّ عَلَى اللهِ عَوْنُهُم: النَّاكحُ يُرِيدُ الْعَفَافَ، وَالْمُكَاتَبُ يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالْغَارِمُ يُرِيدُ الْوَفَاءَ".
فَذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمُؤْمِنُ: عِفَّةَ فَرْجِهِ، وَتَخْلِيصَ رَقَبَتِهِ، وَبَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ.
(١) الترمذي (١٦٥٥)، والنسائي (٣١٢٠)، وابن ماجه (٢٥١٨)، وأحمد (٧٤١٦)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute