يَقْبِضْهُ الْمُشْتَرِي -: سَقَطَ مِن الثَّمَنِ (١) قَدْرُ الْأَرْشِ.
وَإِن كَانَ قَبَضَهُ لِلْبَائِعِ أَو وَكِيلِهِ فَلَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْبَائِعَ بِالْأَرْشِ، ثُمَّ الْوَكِيلُ إنْ ضَمِنَ عُهْدَةَ الْمَبِيعِ أَو لَمْ يُسَمِّ مُوَكِّلَهُ فِي الْعَقْدِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِلْأَرْشِ فَيَجُوزُ مُطَالَبَتُهُ بِهِ.
وَإِن سَمَّاهُ فِي الْعَقْدِ وَلَمْ يَضْمَن الْعُهْدَةَ فَهَل يَكُونُ ضَامِنًا لِذَلِكَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد وَغَيْرِهِ. [٢٩/ ٣٦٤]
٣٥٨٧ - وَسُئِلَ- قَدَّسَ الله رُوحَهُ وَنَوَّرَ ضَرِيحَهُ-: عَن دَارٍ بَيْنَ شَخْصَيْنِ بَاعَهَا أَحَدُهُمَا عَن نَفْسِهِ وَعَن شَرِيكِهِ بِالْوِكَالَةِ لِشَخْصٍ آخَرَ، ثُمِّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ بَنَى فَوْقَ مَا اشْتَرَاهُ بِنَاءً كَبِيرًا، وَمِن حُقُوقِهِ قَنَاةٌ مُلَاصِقَةٌ جِدَارَ تُرْبَةٍ، فَنَدَّت الْجِدَار، وَسَرَت النَّدَاوَةُ إلَى الْقَبْرِ، فَرَفَعَ مُلَّاكُ التُّرْبَةِ الْمُشْتَرِيَ لِلْحِسْبَةِ، فَشَهِدَت الْبَيِّنَةُ أَرْبَابُ الْخِبْرَةِ بِتَنْدِيَةِ الْجِدَارِ وَوُصُولِ ذَلِكَ إلَى الْقَبْرِ، وَأَنَّ الْقَنَاةَ مُحْدَثَةٌ عَلَى الْجِدَارِ، وَأَنَّهُ ضَرَرٌ يَجِبُ إزَالَتُهَا مِن مَكَانِهَا فَأُلْزِمَ لْزِمَ الْمُشْتَرِي بِنَقْلِهَا، فَهَل مَا أَحْدَثَهُ الْمُشْتَرِي مِن الْبِنَاءِ وَالْهَدْمِ يَمْنَعُ الرَّدَّ أَمْ لَا؟ وَإِذَا مَنَعَ فَهَل يَثْبُتُ الْأَرْشُ؟
فَأَجَابَ: أَمَّا الْقَنَاةُ إذَا كَانَت مُحْدَثَةً حَيْثُ لَا يَجُوزُ إحْدَاثُهَا: فَإِنَّهُ يُلْزَمُ مُحْدِثُهَا بِإِزَالَةِ مَا لَا يَجُوزُ إحْدَاثُهُ.
وَالْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ بَل اعْتَقَدَ أَنَّ هَذَا حَقُّ لِلْمِلْكِ لَا يَجُوزُ إزَالَتُهُ فَتَبَيَّنَ الْأَمْرُ بِخِلَافِ ذَلِكَ: كَانَ هَذَا عَيْبًا.
فَإِذَا بَنَى فِي الْعَقَارِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ عَيْبٌ: فَلَيْسَ إلَّا الْأَرْشُ دُونَ الرَّدِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ: كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي أَصَحَّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ.
وَفِي الْأُخْرَى -وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ-: لَه الرَّدُّ أَيْضًا، وَيَكُونُ شَرِيكًا لِلْبَائِعِ بِمَا أَحْدَثَهُ مِن الزِّيَادَةِ فِيهِ، وَلَا يُلْزَمُ بِالْهَدْمِ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ بَنَى بِحَقًّ.
(١) أي: المبلغ الذي دفعه المشتري للبائع مقابل السلعة المعيبة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute