للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَعَادَ إلَيْهِ الْمَبِيعَ: هُوَ بَاطِلٌ بِاتَّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، سَوَاءٌ شَرَطَهُ فِي الْعَقْدِ، أَو تَوَاطَآ عَلَيْهِ قَبْلَ الْعَقْدِ عَلَى أَصَحِّ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ.

وَالْوَاجِبُ فِي مِثْل هَذَا أَنْ يُعَادَ الْعَقَارُ إلَى رَبِّهِ وَالْمَالُ إلَى رَبّهِ، وَيُعَزَّرَ كُلٌّ مِن الشَّخْصَيْنِ إنْ كَانَا عَلِمَا بِالتَّحْرِيمِ.

وَالْقَرْضُ الَّذِي يَجُرُّ مَنْفَعَةً قَد ثَبَتَ النَّهْيُ عَنْهُ عَن غَيْرِ وَاحِدٍ مِن الصَّحَابَةِ؛ كَعَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ وَأَنَسِ بْن مَالِكٍ، وَرُوِيَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَغَيْرُهُ.

فَإِذَا وَفَّاهُ الْمُقْرِضُ خَيْرًا مِن قَرْضِهِ بِلَا مُوَاطَأَةٍ جَازَ ذَلِكَ، وَإِن وَفَّاهُ أَكْثَرَ مِن قَرْضِهِ فَفِيهِ قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا زِيادَةٌ بَعْدَ وَفَاءِ الْقَرْضِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَهْدَى إلَيْهِ قَبْلَ الْوَفَاءِ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَحْسِبْهُ مِن الْقَرْضِ كَانَ الْقَرْضُ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ مَعَ الْهَدِيَّةِ، وَالْهَدِيَّةُ إنمَا كَانَت بِسَبَبِ الْقَرْضِ.

وَأَمَّا صُورَتُهُ: وَهُوَ أَنْ يَتَوَاطَآ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ مِنْهُ الْعَقَارَ بِثَمَن، ثُمَّ يُؤَجِّرَهُ إيَّاهُ إلَى مُدَّةٍ، وَإِذَا جَاءَهُ بِالثَّمَنِ أَعَادَ إلَيْهِ الْعَقَارَ: فَهُنَا الْمَقْصُودُ أنَّ الْمُعْطِيَ شَيْئًا أَدَّى الْأُجْرَةَ مُدَّةَ بَقَاءِ الْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَخْذِ الْمَنْفَعَةِ وَبَيْنَ عِوَضِ الْمَنْفَعَةِ، الْجَمِيعُ حَرَامٌ.

وَهَذَا وَإِن كَانَ قَد رَخَّصَ فِيهِ طَائِفَةٌ مِن الْفُقَهَاء (١)؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُشْتَرَطْ فِي الْعَقْدِ، وَأَنَّ الْمُوَاطَأَةَ وَالنّيَّةَ لَا تُؤَثّرُ فِي الْعُقُودِ، فَالصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ: تَحْرِيمُ مِثْل ذَلِكَ، وَأَنَّ النِّيَّاتِ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْعُقُودِ. [٢٩/ ٣٣٣ - ٣٣٦]

٣٥٩٥ - وَسُئِلَ: عَن رَجُلٍ بَاعَ زَوْجَتَهُ دَارًا بَيْعَ أَمَانَةٍ بِأَرْبَعِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَقَد اسْتَوْفَت الدَّرَاهِمَ مِن الْأُجْرَةِ، فَهَل يَجُوزُ لَهَا أَخْذُ شَيْءٍ آخَرَ وَقَد أَخَذَت الْأَرْبَعَمِائَةِ؟


(١) رخص فيه بعض المتأخرين من الحنفية والشافعية.

<<  <  ج: ص:  >  >>