للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لَهُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ مَلَكَهُ، أَو يَكُونَ وَليًّا عَلَيْهِ؛ كَنَاظِرِ الْوَقْفِ وَوَليِّ الْيَتِيمِ وَوَليِّ بَيْتِ الْمَالِ، أَو يَكُونَ وَكِيلًا فِيهِ.

فَإِذَا لَمْ أَعْلَمْ حَالَ ذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ بَنَيْت الْأمْرَ عَلَى الْأَصْلِ.

وإِذَا كَانَ كَذَلِكَ: فَهَذَا الْمَظْلُومُ الَّذِي أُخِذَ مَالُهُ بِغَيْرِ حَقٍّ بِبَيْعٍ أَو أُجْرَةٍ، وَأُخِذَ مِنْهُ، وَالْمُشْتَرِي لَا يَعْلَمُ بِذَلِكَ، ثُمَّ يُنْقَلُ مِن الْمُشْتَرِي إلَى غَيْرِهِ ثُمَّ إلَى غَيْرِهِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ أولَئِكَ لَمْ يَظْلِمُوهُ، وَإِنَّمَا ظَالِمُهُ مَن اعْتَدَى عَلَيْهِ، وَلَكِنْ لَو عَلِمَ بِهِم فَهَل لَهُ مُطَالَبَتُهُم بِمَا لَمْ يَلْتَزِمُوا ضَمَانَهُ؟

عَلَى قَوْلَيْنِ لِلْعُلَمَاءِ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.

مِثَالُ ذَلِكَ: أَنَّ الظَّالِمَ إذَا أَوْدَعَ مَالَهُ عِنْدَ مَن لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ غَاصِبٌ فَتَلِفَت الْوَدِيعَةُ، فَهَل لِلْمَالِكِ (١) أَنْ يُطَالِبَ الْمُودَعَ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.

ثُمَّ إذَا عَلِمْنَا فِيمَا بَعْدُ أَنَّهُ مَسْرُوقٌ، فَعَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ لَا يَجِبُ عَلَيْنَا إلَّا مَا الْتَزَمْنَاهُ بِالْعَقْدِ؛ أَيْ: لَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْنَا إلَّا ضَمَانُ مَا الْتَزَمْنَاهُ بِالْعَقْدِ (٢).

لَكِنْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ هُنَا فِي مَسْأَلَة وَهِيَ أَنَّهُ: هَل لِلْمَالِكِ تَضْمِينُ هَذَا الْمَغْرُورِ الَّذِي تَلِفَ الْمَالُ تَحْتَ يَدِهِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى الْغَارِّ بِمَا غَرِمَهُ بِغُرُور، أَمْ لَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْمَغْرُورِ إلَّا بِمَا يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ؟

عَلَى قَوْلَيْنِ: هُمَا رِوَايَتَانِ عَن أَحْمَد.

وَقَالُوا فِي أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ: أَنَّ هَذَا يَلْزَمُ الْغَارَّ الظَّالِمَ .. لَا يَلْزَمُ الْمَغْرُورَ الْمُشْتَرِيَ إلَّا مَا الْتَزَمَهُ بِالْعَقْدِ وَهُوَ الثَّمَنُ فَقَطْ.

وإِنَّمَا تَنَازَعُوا فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِن بَاب الْعَدْلِ الْوَاجِبِ فِي حُقُوقِ الْآدَمِيّينَ وَهُوَ يَجِبُ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ. [٢٩/ ٣٢٣ - ٣٢٧]


(١) الذي غصب الظالم ماله بغير حق.
(٢) وهو الثمن فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>