بِعَقْدٍ فَاسِدٍ كَالرِّبَا وَالْمَيْسِرِ وَنَحْوِهِمَا: فَهَل يُفِيدُ الْمِلْكَ؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ لِلْفُقَهَاءِ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يُفِيدُ الْمِلْكَ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَالثَّانِي: لَا يُفِيدُهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي الْمَعْرُوفِ مِن مَذْهَبِهِ.
وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ إنْ فَاتَ أَفَادَ الْمِلْكَ، وَإِن أَمْكَنَ رَدُّهُ إلَى مَالِكهِ وَلَمْ يَتَغَيَّرْ فِي وَصْفٍ وَلَا سِعْرٍ لَمْ يُفِد الْمِلْكَ، وَهُوَ الْمَحْكِيُّ عَن مَذْهَبِ مَالِكٍ (١). [٢٩/ ٣٢٧ - ٣٢٨]
٣٦٠٤ - قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ: فَإِنْ قِيلَ: فَمَا تَقُولُونَ فِي كَسْبِ الزَّانِيَةِ إِذَا قَبَضَتْهُ، ثُمَّ تَابَتْ هَل يَجِبُ عَلَيْهَا رَدُّ مَا قَبَضَتْهُ إِلَى أَرْبَابِهِ، أَمْ يَطِيبُ لَهَا، أَمْ تَصَّدَّقُ بِهِ؟
[قِيلَ: هَذَا يَنْبَنِي عَلَى قَاعِدَةٍ عَظِيمَةٍ مِن قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَنَّ مَن قَبَضَ مَا لَيْسَ لَهُ قَبْضُهُ شَرْعًا، ثُمَّ أَرَادَ التَّخَلُّصَ مِنْهُ:
- فَإِنْ كَانَ الْمَقْبُوضُ قَد أُخِذَ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ، وَلَا اسْتَوْفَى عِوَضَهُ: رَدَّهُ عَلَيْهِ.
فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ عَلَيْهِ: قَضَى بِهِ دَيْنًا يَعْلَمُهُ عَلَيْهِ.
فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ: رَدَّهُ إِلَى وَرَثَتِهِ.
فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ: تَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ.
فَإِنِ اخْتَارَ صَاحِبُ الْحَقِّ ثَوَابَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: كَانَ لَهُ.
وَإِن أَبَى إِلَّا أَنْ يَأْخُذَ مِن حَسَنَاتِ الْقَابِضِ: اسْتَوْفَى مِنْهُ نَظِيرَ مَالِهِ، وَكَانَ ثَوَابُ الصَّدَقَةِ لِلْمُتَصَدِّقِ بِهَا، كَمَا ثَبَتَ عَنِ الصَّحَابَةِ - رضي الله عنهم -.
(١) فمن تاب من الربا والميسر بناءً على مذهب أبي حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى فإنّ ما بيده من الأموال لا يجب عليه التخلص منها، فهي ملكٌ له، وحلال عليه، ولكن العقود المحرمة الحالية يجب عليه أن يكف عنها، ولا يأخذ ولا يدفع ما لا يحل له.