وَلَا رَيْبَ أَنَّ مَهْرَ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ، وَحُلْوَانَ الْكَاهِنِ خَبِيثٌ، وَالْحَاكِمُ يَقْضِي بِعُقُوبَةِ الْمُسْتَأْجِرِ الْمُسْتَوْفِي لِلْمَنْفَعَةِ الْمُحَرَّمَةِ فَتَكُونُ عُقُوبَتُهُ لَهُ عِوَضًا عَن الْأَجْرِ.
فَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ: فَهَل يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ ذَلِكَ وَإِن كَانَ لَا يَحِلُّ الْأَخْذُ لِحَقِّ اللهِ؟ فَهَذَا مُتَقَوِّمٌ.
وَإِن لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَانَ فِي ذَلِكَ دَركٌ لِحَاجَتِهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الْمُحَرَّمَ وَيُعْذَرُ، وَلَا يُعَاقِبُهُ فِي الْآخِرَةِ إلَّا عَلَى فِعْلِ الْمُحَرَّمِ لَا عَلَى الْغَدْرِ وَالظُّلْمِ.
وَهَذَا الْبَحْثُ يَتَّصِلُ بِالْبَحْثِ فِي أَحْكامِ سَائِر الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ وقُبُوضِهَا. [٣٠/ ٢٠٩ - ٢١٠]
٣٦٠٢ - وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللهُ: عَن رَجُلٍ مُرَابٍ خَلَّفَ مَالًا وَوَلَدًا، وَهُوَ يَعْلَمُ بِحَالِهِ، فَهَل يَكُونُ الْمَالُ حَلَالًا لِلْوَلَدِ بِالْمِيرَاثِ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ: أَمَّا الْقَدْرُ الَّذِي يَعْلَمُ الْوَلَدُ أَنَّهُ رِبًا فَيُخْرِجُهُ: إمَّا أَنْ يَرُدَّهُ إلَى أَصْحَابِهِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ.
وَالْبَاقِي لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ.
لَكِنَّ الْقَدْرَ الْمُشْتَبَهَ يُسْتَحَبُّ لَهُ تَرْكُهُ إذَا لَمْ يَجِبْ صَرْفُهُ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ أَو نَفَقَةِ عِيَالٍ.
وَإِن كَانَ الْأَبُ قَبَضَهُ بِالْمُعَامَلَاتِ الرِّبَوِيَّةِ الَّتِي يُرَخِّصُ فِيهَا بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: جَازَ لِلْوَارِثِ الِانْتِفَاعُ بِهِ.
وَإن اخْتَلَطَ الْحَلَالُ بِالْحَرَامِ وَجَهِلَ قَدْرَ كُلِّ مِنْهُمَا: جَعَلَ ذَلِكَ نِصْفَيْنِ. [٢٩/ ٣٠٧]
٣٦٠٣ - الْقَبْضُ الَّذِي لَا يُفِيدُ الْمِلْكَ: هُوَ الظُّلْمُ الْمَحْضُ، فَأَمَّا الْمَقْبُوضُ
= الذين بذلوها في المنفعة المحرمة، ولا يباح الأخذ، بل يُتَصَدَّق بها، وتُصْرَف في مصالح المسلمين، كما نص عليه أحمدُ في أجرة حمال الخمر.