صَحِيحَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ، بِمَعْنَى: أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْعِوَضُ، وَفَاسِدَةٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأَجِيرِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الِانْتِفَاعُ بِالْأَجْرِ، وَلهَذَا فِي الشَّرِيعَةِ نَظَائِرُ. قَالَ: وَلَا يُنَافِي هَذَا نَصَّ أحمد عَلَى كَرَاهَةِ نِطَارَةِ كَرْمِ النَّصْرَانِيِّ، فَإِنَّا نَنْهَاهُ عَن هَذَا الْفِعْلِ وَعَن عِوَضِهِ، ثُمَّ نَقْضِي لَهُ بِكِرَائِهِ، قَالَ: وَلَو لَمْ يَفْعَلْ هَذَا، لَكَانَ فِي هَذَا مَنْفَعَةٌ عَظِيمَةٌ لِلْعُصَاةِ، فَإِنَّ كُلَّ مَنِ اسْتَأجَرُوهُ عَلَى عَمَلٍ يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ قَد حَصَّلُوا غَرَضَهُم مِنْهُ، فَإِذَا لَمْ يُعْطُوهُ شَيْئًا، وَوَجَبَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِم مَا أَخَذَ مِنْهُمْ، كَانَ ذَلِكَ أَعْظَمَ الْعَوْنِ لَهُمْ، وَلَيْسُوا بِأَهْلٍ أَنْ يُعَاوِنُوا عَلَى ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَن سَلَّمَ إلَيْهِم عَمَلًا لَا قِيمَةَ لَهُ بِحَالٍ؛ يَعْنِي: كَالزَّانِيَةِ، وَالْمُغَنِّي، وَالنَّائِحَةِ، فَإِن هَؤُلَاءِ لَا يُقْضَى لَهُم بِأُجْرَةِ، وَلَو قَبَضُوا مِنْهُمُ الْمَالَ، فَهَل يَلْزَمُهُم رَدُّهُ عَلَيْهِمْ، أَمْ يَتَصَدَّقُونَ بِهِ؟ فَقَد تَقَدَّمَ الْكَلَامُ مُسْتَوْفًى فِي ذَلِكَ، وَبَيَّنَّا أنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُم رَدُّهُ، وَلَا يَطِيبُ لَهُم أَكْلُهُ. [المستدرك ٤/ ٤٦ - ٤٩]
٣٦٠٥ - إِنَّ الْمُحَرَّمَاتِ قِسْمَانِ:
أ - مُحَرَّمٌ لِعَيْنِهِ كَالنَّجَاسَاتِ مِن الدَّمِ وَالْمَيْتَةِ.
ب - وَمُحَرَّمٌ لِحَقِّ الْغَيْرِ وَهُوَ مَا جِنْسُهُ مُبَاحٌ مِن الْمَطَاعِمِ وَالْمَسَاكِنِ وَالْمَلَابِسِ وَالْمَرَاكِبِ وَالنُّقُودِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وَتَحْرِيمُ هَذِهِ جَمِيعهَا يَعُودُ إلَى الظُّلْمِ، فَإِنَّهَا إِنَّمَا تَحْرُمُ لِسَبَبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: قَبْضُهَا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسِ صَاحِبِهَا وَلَا إذْنِ الشَّارعِ، وَهَذَا هُوَ الظُّلْمُ الْمَحْضُ؛ كَالسَّرِقَةِ وَالْخِيَانَةِ وَالْغَصْبِ الظَّاهِرِ.
وَهَذَا أَشْهَرُ الْأَنْوَاعِ بِالتَّحْرِيمِ.
وَالثَّانِي: قَبْضُهَا بِغَيْرِ إذْنِ الشَّارعِ وَإِن أَذِنَ صَاحِبُهَا، وَهِيَ الْعُقُودُ والقبوض الْمُحَرَّمَةُ كَالرِّبَا وَالْمَيْسِرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَالْوَاجِبُ عَلَى مَن حَصَلَتْ بِيَدِهِ رَدُّهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا، فَإِذَا تَعَذَّرَ ذَلِكَ فَالْمَجْهُولُ كَالْمَعْدُومِ، وَقَد دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فِي اللُّقَطَةِ: "فَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute