للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَد قِيلَ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد: إنَّ لَهُ (١) أَرْشَ مَا نَقَصَ مِن الثَّمَنِ بِإِلْغَاءِ هَذَا الشَّرْطِ، كَمَا قِيلَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي الْمَعِيبِ، وَهُوَ أَشْهَرُ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ.

وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى: لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا الْفَسْخَ، وَإِنَّمَا لَهُ الْأَرْشُ بِالتَّرَاضِي أَو عِنْدَ تَعَذُّرِ الرَّدِّ؛ كَقَوْلِ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ، وَهَذَا أَصَحُّ؛ فَإِنَّهُ كَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِطَ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِالشَّرْطِ فَلَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ بِدُونِهِ بَل لَهُ الْخِيَارُ، فَكَذَلِكَ الْآخَرُ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى وَإِن كَانَ رَضِيَ بِهِ مَعَ الشَّرْطِ، فَإِذَا أَلْغَى الشَّرْطَ وَصَارَ الْوَلَاءُ لَهُ فَهُوَ لَمْ يَرْضَ بِأَكْثَرَ مِن الثَّمَنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ؛ بَل إنْ شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ فَلَا يُلْزَمُ بِالزِّيَادَةِ؛ بَل إذَا أَعْطَى الثَّمَنَ فَإِنْ شَاءَ الْآخَرُ قَبِلَ وَأَمْضَى، وَاِن شَاءَ فَسَخَ الْبَيْعَ، وَإِن تَرَاضَيَا بِالْأَرْشِ جَازَ، لَكِنْ لَا يُلْزَمُ بِهِ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إلَّا بِرِضَاهُ، فَإِنَّهُ مُعَاوَضَةٌ عَن الْجُزْءِ الْفَائِتِ.

وَهَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِ هَذَا؛ مِثْل الصَّفْقَةِ إذَا تَفَرَّقَتْ. [٢٩/ ٣٣٧ - ٣٤١]

٣٦١٢ - الشَّرْطُ الْمُتَقَدِّمُ عَلَى الْعَقْدِ: هَل هُوَ كَالْمُقَارِنِ لَهُ؟ فِيهِ قَوْلَانِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ كَالْمُقَارِنِ. [٢٩/ ٣٥٣]

٣٦١٣ - "ابتاعيها واشترطي لهم الولاء؛ فإنما الولاء لمن أعتق" (٢).

قال ابن القيم رَحِمَهُ اللهُ بعد أن ذكر أقوال الطوائف في هذا الحديث وهي خمسة: قال شيخنا: بل الحديث على ظاهره، ولم يأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - باشتراط الولاء تصحيحًا لهذا الشرط ولا إباحة له، ولكن عقوبة لمشترطه؛ إذ أبى أن يبيع جارية للمعتق إلا باشتراط ما يخالف حكم الله تعالى وشرعه، فأمرها أن تدخل تحت شرطهم الباطل ليظهر به حكم الله ورسوله؛ لأن الشروط الباطلة لا تغير شرعه، وأن من شرط ما يخالف دينه لم يجز أن يوفى له بشرطه، ولا


(١) أي: المشتري.
(٢) رواه البخاري (٤٥٦)، ومسلم (١٥٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>