للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَبْقَ فِي ذَلِكَ جَهْلٌ مُؤَثِّرٌ؛ بَل الْعِلْمُ بِذَلِكَ أَظْهَرُ مِن الْعِلْمِ بِالْخَرْصِ أَو نَحْوِ ذَلِكَ، وَهُم إِنَّمَا مَقْصُودُهُم دَرَاهِم بِدَرَاهِمَ بِقَدْرِ نَصِيبِهِمْ، لَيْسَ مَقْصُودُهُم أَخْذَ فِضَّةٍ زَائِدَةٍ.

وَلَو وَجَدُوا مَن يَضْرِبُ لَهُم هَذِهِ الدَّرَاهِمَ فِضَّةً خَالِصَةً مِن غَيْرِ اخْتِيَارِهِمْ بِحَيْثُ تَبْقَى فِي بِلَادِهِمْ لَفَعَلُوا ذَلِكَ وَأَعْطَوْهُ أُجْرَتَهُ، فَهُم يَنْتَفِعُونَ بِمَا يَأْخُذُونَهُ مِن الدَّرَاهِمِ الْخَالِصَةِ وَلَا يَتَضَرَّرُونَ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ أَرْبَابُ الْخَالِصَةِ إذَا أَخَذُوا هَذِهِ الدَّرَاهِمَ، فَهُم يَنْتَفِعُونَ بِذَلِكَ لَا يَتَضَرَّرُونَ.

وَهَذَا "مَأْخَذٌ ثَالِثٌ" يُبَيِّنُ الْجَوَازَ وَهُوَ: أَنَّ الرِّبَا إنَّمَا حَرُمَ لِمَا فِيهِ مِن أَخْذِ الْفَضْلِ، وَذَلِكَ ظُلْمٌ يَضُرُّ الْمُعْطِيَ فَحَرُمَ لِمَا فِيهِ مِن الضَّرَرِ، وَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِن الْمُتَقَابِضَيْنِ مُقَابَضَةً أَنْفَعَ لَهُ مِن كَسْرِ دَرَاهِمِهِ وَهُوَ إلَى مَا يَأْخُذُهُ مُحْتَاجٌ: كَانَ ذَلِكَ مَصْلَحَةً لَهُمَا هُمَا يَحْتَاجَانِ إلَيْهَا، وَالْمَنْعُ مِن ذَلِكَ مَضَرَّة عَلَيْهِمَا. [٢٩/ ٤٥١ - ٤٥٥]

٣٦٤٤ - أَصْلُ مَسْأَلَةِ "مُدِّ عَجْوَةٍ" أَنْ يَبِيعَ مَالًا رِبَوِيًّا لا بِجِنْسِهِ وَمَعَهُمَا أَو مَعَ أَحَدِهِمَا مِن غَيْرِ جِنْسِهِمَا، فَإِنَّ لِلْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ:

أَحَدُهَا: الْمَنْعُ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَن أَحْمَد.

وَالثَّانِي: الْجَوَازُ مُطْلَقًا كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَالثَّالِثُ: الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ بَيْعَ الرِّبَوِيّ بِجِنْسِهِ مُتَفَاضِلًا أَو لَا يَكُونُ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحْمَد فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ (١).

فَإِذَا بَاعَ تَمْرًا فِي نَوَاهٍ بِنَوَى، أَو تَمْرًا مَنْزُوعَ النَّوَى (٢)، أَو شَاةً فِيهَا لَبَنٌ بِشَاةٍ لَيْسَ فِيهَا لَبَنٌ، أَو بِلَبَنٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ عِنْدَهُمَا.


(١) وهو الذي رجحه الشيخ كما في (٢٩/ ٤٦٢).
(٢) لعل صواب العبارة: (أو تمرٍ منزوع النوى)؛ لأن الجملة معطوفةٌ على (بنوى)، ووجدت في كتاب: "المسائل والأجوبة" لشيخ الإسلام (١/ ١٨٦) بلفظ: "أو بتمرٍ منزوعٍ النوى".

<<  <  ج: ص:  >  >>