للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَالْعِوَضُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَالْمُزَارَعَةِ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّهُ قَد يَخْرُجُ الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ قَلِيلاً، وَقَد يَخْرُجُ كَثِيرًا، وَقَد يَخْرُجُ عَلَى صِفَاتٍ نَاقِصَةٍ، وَقَد لَا يَخْرُجُ، فَإِنْ مَنعَ اللهُ الثَّمَرَةَ كَانَ اسْتِيفَاءُ عَمَلِ الْعَامِلِ بَاطِلًا.

وَذَهَبَ جَمِيعُ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ الْجَامِعُونَ لِطُرُقِهِ كُلُّهُم -كَأحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَأَصْحَابِهِ كُلِّهِمْ مِن الْمُتَقَدِّمِينَ والمتأخرين، وإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْه. وَأَكْثَرِ فُقَهَاءِ الْكُوفِيِّينَ؛ كَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. وَالْبُخَارِيّ صَاحِبِ الصَّحِيحِ، وَأَبِي دَاوُد وَجَمَاهِيرِ فُقَهَاءِ الْحَدِيثِ مِن الْمُتَأخِّرِينَ؛ كَابْنِ الْمُنْذِرِ وَابْنِ خُزَيْمَة وَالْخَطَّابِيّ وَغَيْرِهِمْ، وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ - إلَى جَوَازِ الْمُزَارَعَةِ وَالْمُؤَاجَرَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ اتِّباعًا لِسُنَّةِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- وَسُنَّةِ خُلَفَائِهِ وَأصْحَابِهِ وَمَا عَلَيْهِ السَّلَفُ وَعَمَلُ جُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ.

فَمِن ذَلِكَ: مُعَامَلَةُ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لِأَهْلِ خَيْبَرَ هُوَ وَخُلَفَاؤُة مِن بَعْدِهِ إلَى أَنْ أَجْلَاهُم عُمَرُ، فَعَن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: "عَامَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَ خَيْبَرَ بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِن ثَمَرٍ أَو زَرْعٍ". أَخْرَجَاهُ (١).

وَأَخْرَجَا (٢) أَيْضًا عَن ابْنِ عُمَرَ "أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَعْطَى أَهْلَ خَيْبَرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوهَا ويزْرَعُوهَا وَلَهُم شَطْرُ مَا خَرَجَ مِنْهَا".

قَالَ الْبُخَارِيُّ (٣) فِي "صَحِيحِهِ": وَقَالَ قَيْسُ بْنُ مُسْلِمٍ عَن أبِي جَعْفَرٍ - يَعْني: الْبَاقِرَ-: "مَا بِالْمَدِينَةِ دَارُ هِجْرَةٍ إلَّا يَزْرَعُونَ عَلَى الثُّلُثِ وَالرُّبُعِ".

قَالَ: "وَزَارَعَ عَلِيٌّ وَسَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْقَاسِمُ وَعُرْوَةُ وَآلُ أَبِي بَكْرٍ وَآلُ عُمَرَ وَآلُ عَلِيٍّ وَابْنُ سِيرِين، وَعَامَلَ عُمَرُ النَّاسَ عَلَى أَنَّهُ إنْ جَاءَ عُمَرُ بِالْبَذْرِ مِن عِنْده فَلَهُ الشَّطْرُ، وَإِن جَاءُوا بِالْبَذْرِ فَلَهُم كَذَا".


(١) البخاري (٢٣٢٨)، ومسلم (١٥٥١).
(٢) البخاري (٢٣٣١).
(٣) ذكر هذا في باب المزارعة بالشطر ونحوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>