وَهَذَا الرَّابعُ الَّذِي فَعَلَهُ عُمَرَ، وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ مَن اعْتَمَدَ مِن الْفُقَهَاءِ فِي جَوَازِ الْمُضَارَبَةِ. [٣٠/ ١٢٧ - ١٣١، ٣٧٨]
وَهُوَ الْعَدْلُ؛ فَإِنَّ النَّمَاءَ حَصَلَ بِمَالِ هَذَا وَعَمَلِ هَذَا، فَلَا يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بِالرِّبْحِ، وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِم الصَّدَقَةُ بِالنَّمَاءِ؛ فَإِنَ الْحَقَّ لَهُمَا لَا يَعْدُوهُمَا؛ بَل يُجْعَلُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا، كَمَا لَو كَانَا مُشْتَرِكَيْنِ شَرِكَةَ مُضَارِبَةٍ. [٣٠/ ٣٢٣]
٣٨٣٠ - تَنْفَسِخُ الْمُضَارَبَةُ بِمَوْتِ الْمَالِكِ، ثُمَّ إذَا عَلِمَ الْعَامِلُ بِمَوْتِهِ وَتَصَرَّفَ بِلَا إذْن الْمَالِكِ لَفْظًا أَو عُوْفًا وَلَا وِلَايَةٍ شَرْعِيَّةٍ: فَهُوَ غَاصِبٌ.
وَقَد اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الرِّبْح الْحَاصِلِ فِي هَذَا: هَل هُوَ لِلْمَالِكِ فَقَطْ كَنَمَاءِ الْأَعْيَانِ؟ أَو لِلْعَامِلِ فَقَطْ لِأنَّ عَلَيْهِ الضَّمَانَ؟ أَو يَتَصَدَّقَانِ بِهِ لِأَنَّهُ رِبْحٌ خَبِيثٌ؟ أَو يَكُونُ بَيْنَهُمَا؟
عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوالٍ: أَصَحُّهَا الرَّابعُ، وَهُوَ أنَ الرِّبْحَ بَيْنَهُمَا، كَمَا يَجْرِي بِهِ الْعُرْفُ فِي مِثْل ذَلِكَ، وَبِهَذَا حَكَمَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- فِيمَا أَخَذَهُ بَنُوهُ مِن مَالِ بَيْتِ الْمَالِ فَاتَّجَرُوا فِيهِ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ فَجَعَلَهُ مُضَارَبَة، وَعَلَيْهِ اعْتَمَدَ الْفُقَهَاءُ فِي "بَابِ الْمُضَارَبَةِ"؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ نَمَاءٌ حَاصِلٌ مِن مَنْفَعَةِ بَدَنِ هَذَا وَمَالِ هَذَا، فَكَانَ بَيْنَهُمَا كَسَائِرِ النَّمَاءِ الْحَادِثِ مِن أَصْلَيْنِ. [٣٠/ ٨٧]
٣٨٣١ - وَسُئِلَ -رحمه الله-: عَن رَجُلٍ مَعَهُ دَرَاهِمُ حَرَامٌ، فَدَفَعَهَا إلَى وَالِدِهِ وَأَخَذَ مِنْهُ عِوَضَهَا مِن دَرَاهِمِهِ الْحَلَالِ، وَاشْتَرَى مِنْهَا شَيْئًا يَعُودُ مِنْهُ مَنْفَعَةٌ: إمَّا نَتَاجُ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، وإِمَّا زَرْعُ أَرْضٍ، وَاسْتَعْمَلَهَا، هَل هِيَ حَرَامٌ؟
فَأَجَابَ: مَتَى اعْتَاضَ عَن الْحَرَامِ عِوَضًا بِقَدْرِهِ فَحُكْم الْبَدَلِ حُكْم الْمُبْدَلِ منْهُ.
فَإِنْ كَانَ قَد نَمَّى بِفِعْلِهِ نَمَاء مِن رِبْحٍ أَو كَسْب أَو غَيْر ذَلِكَ فَفِيهِ خِلَافٌ بَيْنِ الْعُلَمَاءِ، وَأَعْدَل الْأَقْوَالِ أَنْ يُقْسَمَ النَّمَاء بَيْنَ مَنْفَعَةِ الْمَالِ وَبَيْنَ مَنْفَعَةِ الْعَامِلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute