للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهَا مَضْمونَةٌ عَلَيْهِ بِالْقَبْضِ، بِمَعْنَى: أَنَّهُ إذَا لَمْ يَسْتَوْفِهَا تَلِفَتْ مِن ضَمَانِهِ لَا مِن ضَمَانِ الْمُؤَجِّرِ، كَمَا لَو تَلِفَ الثَّمَرُ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَالتَّمَكُّنِ مِن جِذَاذِهِ.

وَلَكِنْ إذَا تَلِفَت الْعَيْنُ الْمُؤَجَّرَةُ: كَانَت الْمَنَافِعُ تَالِفَةً مِن ضَمَانِ الْمُؤَجّرِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِن اسْتِيفَائِهَا؛ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا قَبْلَ التَّمَكُّنِ وَبَعْدَهُ.

وَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَ أَرضًا لِلِازْدِرَاعِ فَأَصَابَتْهَا آفَةٌ: فَإِذَا تَلِفَ الزَّرْعُ بَعْدَ تَمَكُّنِ الْمُسْتَأْجِرِ مِن أَخْذِهِ؛ مِثْل أَنْ يَكُونَ فِي الْبَيْدَرِ فَيَسْرِقَهُ اللَّصُّ أَو يُؤَخِّرَ حَصَادَهُ عَن الْوَقْتِ حَتَّى يَتْلَفَ، فَهُنَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الْأُجْرَةُ.

وَأَمَّا إذَا كَانَت الْآفَةُ مَانِعَةً مِن الزَّرْعِ فَهُنَا لَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ بِلَا نِزَاعٍ.

وَأَمَّا إذَا نَبَتَ الزَّرْعُ وَلَكِنَّ الْآفَةَ مَنَعَتْهُ مِن تَمَامِ صَلَاحِهِ؛ مِثْل نَارٍ أَو رِيحٍ أَو بَرْدٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُفْسِدُهُ بِحَيْثُ لَو كَانَ هُنَاكَ زَرْعٌ غَيْرُهُ لَأَتْلَفَتْهُ، فَهُنَا فِيهِ قَوْلَانِ: أَظْفُرُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مِن ضَمَانِ الْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْآفَةَ أَتْلَفَت الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ بِالْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْعَقْدِ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي يَثْبُتُ بِهَا الزَّرْعُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِن حَصَادِهِ، فَإِذَا حَصَلَ لِلْأَرْضِ مَا يَمْنَعُ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ مًطْلَقًا بَطَلَ الْمَقْصُودُ بِالْعَقْدِ قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِن اسْتِيفَائِهِ.

وَلَيْسَ هَذَا مِثْل أَنْ يُسْرقَ مَالهُ أَو يَحْتَرِقَ مِن الدَّارِ؛ فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ بِالْعَقْدِ لَمْ تَتَغَيَّرْ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا هُوَ وَغَيْرُهُ بِأَنْ يَحْفَظَهَا مِن اللِّصِّ أَو الْحَرِيقِ.

وَنَظِيرُ ذَلِكَ: أَنْ يَتْلَفَ الْمَالُ الَّذِي اكْتَرَى الدَّابَّةَ لِحَمْلِهِ فَإِنَّ الْأُجْرَةَ عَلَيْهِ.

بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَت الْآفَة مَانِعَةً مِن الِانْتِفَاعِ مُطْلَقًا لَهُ وَلِغَيْرِهِ؛ فَإِنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَوْتِ الدَّابَّةِ وَاحْتِرَاقِ الدَّارِ الْمُؤَجَّرَةِ.

وَنَظِيرُ سَرِقَةِ مَتَاعِهِ مِن الدَّارِ: أَنْ يَسْرِقَ سَارِقُ زَرْعَهُ (١).


(١) فالضمان على المستأجر. =

<<  <  ج: ص:  >  >>