للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= أمَّا مَا لا تشتمل على مصلحةٍ دينيّة ولا دنيوبة، فقد منعها الشرع الحكيم، ونهى عنها وحَذَّر منها؛ لأنه يربأ بأتباعه أنْ يُهدروا أوقاتهم، في اللهو واللعب الذي لا ينفعهم.
وهذه الألعاب تعتمد على التخمين والحظ، حيث يفوز اللاعب حظًّا، لا ذكاءً وفطنةً.
فهذه لا يجوز اللعب بها مُطلقًا، ولو كانت بغير عوض.
ودليلُ تحريمها: ما ثبت عَن بُرَيْدَةَ -رضي الله عنه-، أَنَّ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَن لَعِبَ بِالنَرْدَشِيرِ، فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْم خِنْزِيرٍ وَدَمِه". رواهُ مسلمٌ: (٢٢٦٠).
والنردُ: كما قالَ صاحبُ المعجم الوسيط (٢/ ٩١٢): "لعبةٌ ذاتُ صندوقٍ وحجارةٍ وفَصَّيْن، تَعْتَمِدُ على الحظِ، وتُنْقَلُ فيها الحجارةُ على حسبِ ما يأتي به الفَصُّ -أيْ: الْمُكَعَّب-، وتُعْرَفُ عند العامةِ بالطاولةِ". اهـ.
فالنَّرد: هي الْمُكَعَّباتُ، فيها نقاطٌ على كلّ جهاتها الست، حيث يرمي بها اللاعب تخمينًا، ويخرج حظه جيّدًا أو لا.
وهذا قول علماء اللغة حسب ما وقفتُ عليه، ولم أقف على من خالف في ذلك، قال الخليل بن أحمد كما في كتابه العين، مادة: (نرد): النَّرْدُ: الكَعْبُ الذي يُلْعَبُ به. ومن لعِبَ بالنَّرْد فكأنّما غَمَسَ يَدَيْهِ في لَحْم الخِنزيرِ. اهـ.
وهو قول ابن الأثير وصاحب القَاموس المحيط، وتاجِ العروس وغيرِهم.
بل نص على ذلك بعض الصَحابة -رضي الله عنهم-، ولا يُعلم لهمَ مُخالف.
فقد ثبت عن عبد اللهِ بنِ مسعود -رضي الله عنه-، أنه حذر من اللعب بهذه المكعباتِ حيث قال: "إياكم وهاتين الْكَعْبَتَيْنِ الْمَوْسُومَتَين؛ اللتين تُزْجَران زجرًا؛ فإنهما من الميسر". أخرجهُ البخاري في الأدب المفردِ (١٢٧٠)، وصحَّحه الألباني في صحيح الأدبِ المفردِ (٩٥٨).
وثبت عن عبدِ اللهِ بنِ عمرو بنِ العاص -رضي الله عنه- أنه قالَ: "اللاعبُ بالفصين قمارًا؛ كآكلِ لحمِ الخنزيرِ، واللاعبُ بهما من غيرِ قمارٍ، كالغامسِ يدَهُ في دمِ خنزير". قال العلَّامة الألباني في صحيح الأدب المفردِ (٩٦٣) صحيحُ الإسنادِ موقوفٌ.
فهذه النصوصُ تدلّ على حرمةِ اللعب بالنردِ، وأنّ النرد هو كلّ لُعبةٍ اشْتملت على الْمُكعبين أو الفصّين، أو ما شابههما في العلّة.
وتدلّ هذه النصوصُ كذلك، على أنّ اللعبَ بالنردِ من الميسر والقمار المحرم، ولو لم يكن بعوضِ، أما لو كان بعوضٍ فالحرمةُ أشدُ وأعظم.
قال الآجري رحمهُ اللهُ: "واللاعبُ بهذه النرد من غير قمارٍ عاصٍ للهِ عزَّ وجلَّ، يجبُ عليه أن يتوبَ إلى الله من لَهْوِهِ بها، فإنْ لعب بها وقامر فهو أَعظمُ؛ لأنه أَكَلَ الميسرَ وهو القمارُ، وقد نهى اللهُ عزَّ وجلَّ عن الميسرِ، واللعبُ بالنردِ من الميسر لا يختلفُ العلماءُ فيه". اهـ. تحريم النردِ والشطرنج والملاهي (٥٣).
واللعب بالمكعبات لا يستفيد منه اللاعبُ سوى تضييع وفته، وتعطيل عقله، وفساد صحّته، حيث يمكث الأوقاتِ الطويلةَ بلا تحريك أعضائه، ولا تنمية عقله وذكائه.
ومن الأمثلة الْمُعاصرة للنرد: المونوبولي، والسلّم والثعبان، وغيرُها من هذه الألعاب. =

<<  <  ج: ص:  >  >>