ومما يوضح الأمر في ذلك: أن السَّبَق في غير هذه الثلاثة لم يحرم لأنه قمار، فلو بذل أحدهما عوضًا في النرد والشطرنج حرم اتفاقًا، مع أنَّ العوض ليس من الجانبين.
ولو كان بينهما محلل في النرد حرم اتفاقًا أيضًا.
فالعوض في النرد والشطرنج حرام، سواء كان منهما، أو من أحدهما، أو من غيرهما، بمحلل أو غير محلل.
فلم يحرم لأجل المخاطرة.
فلو كان الميسر المجمع على تحريمه والنرد والشطرنج لأجل المخاطرة لأبيح مع عدمها.
فلما ثبت أنه محرم على كل تقدير: عُلم بطلان تعليل تحريمه بذلك (١).
وأكثر العلماء يحرمون العوض من الجانبين في المصارعة وإن كان بينهما محلل يرفع المخاطرة عند من يقول بذلك، فعلم أن المؤثر هو أكل المال بالباطل، أو كون العمل يصد عن الصلاة وعن ذكر الله عزَّ وجلَّ ويوقع العداوة والبغضاء كما دلَّ عليه القرآن؛ كما أن بذل المال لما فيه من إعلاء كلمة الله ودين الله هو من الجهاد الذي أمر الله سبحانه ورسوله -صلى الله عليه وسلم- به، سواء كان فيه مخاطرة أو لم يكن؛ فإن المجاهدة في سبيل الله عزَّ وجلَّ فيها مخاطرة قد يَغْلِب وقد يُغْلَب، وكذلك سائر الأمور من الجعالة والمزارعة والمساقاة والتجارة والسفر وغيرهما كما تقدم بيانه. [المستدرك ٤/ ٦٠ - ٧٠]
* * *
(١) الثابت في النصوص: النرد، والعلة فيما يظهر ما تقدم، وهو أنّ النرد يعتمد على التخمين، فكل ما وافقه في هذه العلة حرم اللعب به.