بَل كَثِيرٌ مِن الشُّرَّابِ يَكُونُ عَقْلُهُ أصحى مِن كَثِيرٍ مِن أَهْلِ الشِّطْرَنْج وَالنَّرْدِ.
وَاللَّاعِبُ بِهَا لَا تَنْقَضِي نَهْمَتُهُ مِنْهَا إلَّا بدست بَعْدَ دست، كَمَا لَا تَنْقَضِي نَهْمَةُ شَارِبِ الْخَمْرِ إلَّا بِقَدَح بِقَدَح، وَتَبْقَى آثَارُهَا فِي النَّفْسِ بَعْدَ انْقِضَائِهَا أَكْثَرَ مِن آثَارِ شَارِبِ الْخَمْرِ، حَتَّى تَعْرِضَ لَهُ فِي الصَّلَاةِ وَالْمَرَضِ وَعِنْدَ رُكُوبِ الدَّابَّةِ؛ بَل وَعِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَمْثَال ذَلِكَ مِن الْأَوْقَاتِ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا ذِكْرُهُ لِرَبِّهِ وَتَوَجُّهُهُ إلَيْهِ، تَعْرِضُ لَهُ تَمَاثِيلُهَا. [٣٢/ ٢١٦ - ٢٢٨]
٣٩٠٤ - عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "لَا سَبْقَ إلا فِي خُفٍّ أَو حَافِرٍ أَو نَصْلٍ" (١)، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مِن أَعْمَالِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللهِ، فَإِخْرَاجُ السَّبْقِ فِيهَا مِن أَنْوَاعِ إنْفَاقِ الْمَالِ فِي سَبِيلِ اللهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهَا مِن الْمُبَاحَاتِ؛ كَالْمُصَارَعَةِ وَالْمُسَابَقَةِ بِالْأَقْدَامِ؛ فَإِنَّ هَذِهِ الْأَعْمَالَ لَيْسَتْ مِن الْجِهَادِ؛ فَلِهَذَا رُخِّصَ فِيهَا مِن غَيْرِ سَبْقٍ. [٣٢/ ٢٥٠]
٣٩٠٥ - الْبَيْهَقِي أَعْلَمُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ بِالْحَدِيثِ وَأَنْصَرُهُم لِلشَّافِعِيِّ ذَكَرَ إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ عَلَى الْمَنْعِ مِنْهُ [أي: الشطرنج]: عَن عَلِئ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَأبِي سَعِيدٍ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي مُوسَى وَعَائِشَةَ -رضي الله عنهم-، وَلَمْ يَحْكِ عَن الصَّحَابَةِ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا.
وَمَن نَقَلَ عَن أَحَدٍ مِن الصَّحَابَةِ أَنَّهُ رَخَّصَ فِيهِ فَهُوَ غالط.
وَالْبَيْهَقِي وَغَيْرُهُ مِن أَهْلِ الْحَدِيثِ أَعْلَمُ بِأَقْوَالِ الصَّحَابَةِ مِمَن يَنْقُلُ أَقْوَالًا بِلَا إسْنَادٍ.
قَالَ البيهقي: جَعَلَ الشَّافِعِيُّ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ مِن الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فيها.
(١) رواه أبو داود (٢٥٧٤)، والترمذي (١٧٠٠)، والنسائي (٣٥٨٥)، وابن ماجه (٢٨٧٨)، وأحمد (٧٤٨٢). وصحَّحه الألباني في صحيح أبي داود.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute