للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَتَنَازَعُوا فِيمَا لَا يَقْبَلُ قِسْمَةَ الْإِجْبَارِ، وَإِنَّمَا يُقْسَمُ بِضَرَرٍ أَو رَدِّ عِوَضٍ فَيَحْتَاجُ إلَى التَّرَاضِي: هَل تَثْبُت فِيهِ الشُّفْعَةُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: تَثْبُتُ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.

وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّوَابُ (١) كمَا سَنُبَيِّنُهُ إنْ شَاءَ اللهُ.

وَالثَّانِي: لَا تَثْبُتُ فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ.

وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ؛ فَإِنَّهُ قَد ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" (٢) عَن النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَن كَانَ لَهُ شَرِيكٌ فِي أَرْضٍ أَو رَبْعَةٍ أو حَائِطٍ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ، فَإِنْ شَاءَ أَخَذَ وَإِن شَاءَ تَرَكَ، فَإِنْ بَاعَ وَلَمْ يُؤْذِنْهُ فَفوَ أَحَقُّ بِهِ".

وَلَمْ يَشْتَرِط النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْأَرْضِ وَالرَّبْعَةِ وَالْحَائِطِ أَنْ يَكونَ مِمَّا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ، فَلَا يَجُوزُ تَقْيِيدُ كَلَام الرَّسُولِ بِغَيْرِ دَلَالَةٍ مِن كَلَامِهِ، لَا سِيَّمَا وَقَد ذَكَرَ هَذَا فِي بَابِ تَأْسِيسِ إثْبَاتِ الشُّفْعَةِ.

وَلَيْسَ عَنْهُ لَفْظٌ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي الشُّفْعَةِ أَثْبَتُ مِن هَذَا.

وَقَد تَنَازَعَ النَّاسُ فِي شُفْعَةِ الْجَارِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، أَعْدَلُهَا هَذَا الْقَوْلُ: أنَّهُ إنْ كَانَ شَرِيكًا فِي حُقُوقِ الْمِلْكِ ثَبَتَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ وَإِلَّا فَلَا.

وَأَيْضًا: فَمِن الْمَعْلُوم أنَّهُ إذَا أَثْبَتَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- الشُّفْعَةَ فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ، فَمَا لَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ أَوْلَى بِثبوتِ الشُّفْعَةِ فِيهِ؛ فَإِن الضَّرَرَ فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ يُمْكنُ رَفْعُهُ بِالْمُقَاسِمَةِ، وَمَا لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْقِسْمَةُ يَكُونُ ضَرَرُ الْمُشَارَكَةِ فِيهِ أَشَدَّ. [٣٠/ ٣٨١ - ٣٨٣]

٣٩٧٢ - الِاحْتِيَالُ عَلَى إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ بَعْدَ وُجُوبِهَا لَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الِاحْتِيَالِ عَلَيْهَا قَبْلَ وُجُوبِهَا وَبَعْدَ انْعِقَادِ السَّبَبِ، وَهُوَ مَا إذَا


(١) وهو اختيار العلَّامة ابن عثيمين. الشرح الممتع (١٠/ ٢٤٥).
(٢) رواه مسلم (١٦٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>