لَكِنَّ الصَّلَاةَ فِي الثَّوْبِ الْحَرِيرِ هِيَ مِن ذَلِكَ الْقِسْمِ: الْحَقُّ فِيهَا للهِ، لَكِنْ نُهِيَ عَن ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَفِي غَيْرِ الصَّلَاةِ، لَمْ يُنْهَ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ.
وَقَد تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي مِثْل هَذَا:
فَمِنْهُم مَن يَقُولُ: النَّهْيُ هُنَا لِمَعْنًى فِي غَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي الصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، وَالثَّوْبِ الْمَغْصُوبِ، وَالطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ، وَالْبَيْعِ وَقْتَ النِّدَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ؛ فَإنَّهُ إنْ عَنَى بذَلِكَ أَنَّ نَفْسَ الْبَيْعِ اشْتَمَلَ عَلَى تَعْطِيلِ الصَّلَاةِ، وَنَفْسَ الصَّلَاةِ اشْتَمَلَتْ عَلَى الظُّلْمِ وَالْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ كَمَا اشْتَمَلَت الصَّلَاةُ فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ عَلَى مُلَابَسَةِ الرِّجْسِ الْخَبِيثِ: فَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ.
وَإِن أَرَادُوا بِذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَا يَخْتَصُّ بِالصَّلَاةِ؛ بَل هُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا: فَهَذَا صَحِيحٌ؛ فَإِنَّ الْبَيْعَ وَقْتَ النِّدَاءِ لَمْ يُنْهَ عَنْهُ إلَّا لِكَوْنِهِ شَاغِلًا عَن الصَّلَاةِ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي غَيْرِ الْبَيْعِ لَا يَخْتَصُّ بِالْبَيْعِ، لَكِنَّ هَذَا الْفَرْقَ لَا يَجِيءُ فِي طَلَاقِ الْحَائِضِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ مَعْنًى مُشْتَرَكٌ، وَهُم يَقُولُونَ: إنَّمَا نُهِيَ عَنْهُ لِإِطَالَةِ الْعُدَّةِ وَذَلِكَ خَارجٌ عَن الطَّلَاقِ.
فَيُقَالُ: وَغَيْرُ ذَلِكَ مِن الْمُحَرَّمَاتِ كَذَلِكَ إنَّمَا نُهِيَ عَنْهَا لِإِفْضَائِهَا إلَى فَسَادٍ خَارجٍ عَنْهَا؛ فَالْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ نُهِيَ عَنْهُ لِإِفْضَائِهِ إلَى قَطِيعَةِ الرَّحِمِ، وَالْقَطِيعَةُ أَمْرٌ خَارجٌ عَن النِّكَاحِ.
وَالْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ حُرِّمَا وَجُعِلَا رِجْسًا مِن عَمَلِ الشَّيْطَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى الصَّدِّ عَن الصَّلَاةِ وَإِيقَاعِ الْعَدَاوَةِ وَالْبَغْضَاءِ، وَهُوَ أَمْرٌ خَارجٌ عَن الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ.
وَالرِّبَا حَرَامٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إلَى أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ وَذَلِكَ أَمْرٌ خَارجٌ عَن عَقْدِ الْمَيْسِرِ وَالرِّبَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute