وإنَّمَا الْعِلَّةُ: أَنَّهُ يَرِثُ مِيرَاثَهُ، فَكُلُّ مَن وَرِثَ مِيرَاثَ شَخْصٍ سَقَطَ بِهِ إذَا كَانَ أَقْرَبَ مِنْهُ، وَالْجَدَّاتُ يَقُمْنَ مَقَامَ الْأمِّ فَيَسْقُطْنَ بِهَا وَإِن لَمْ يُدْلِينَ بِهَا.
وَأَمَّا كَوْنُ بَنَاتِ الِابْن مَعَ الْبِنْتِ لَهُنَّ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْأخَوَاتُ مِن الْأبِ مَعَ أَخْتِ الْأبَوَيْنِ: فَلِأَنَ اللهَ قَالَ: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} [النساء: ١١] وَقَد عُلِمَ أَنَّ الْخِطَابَ تَنَاوَلَ وَلَدَ الْبَنِينَ دُونَ وَلَدِ الْبَنَاتِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ: {أَوْلَادِكُمْ} [النساء: ١١] يَتَنَاوَلُ مَن يُنْسَبُ إلَى الْمَيِّتِ، وَهُم وَلَدُهُ وَوَلَدُ ابْنَتِهِ، وَأَنَّهُ مُتَنَاوِلُهُم عَلَى التَّرْتِيبِ، يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ الْبَنِينَ عِنْدَ عَدَمِ وَلَدِ الصُّلْبِ؛ لِمَا قَد عُرِفَ مِن أَنَّمَا أَبْقَت الْفُرُوضُ فَلِأَوْلَى رَجُلِ ذَكَرٍ، وَالِابْنُ أَقْرَبُ مِن ابْنِ الِابْنِ، فَإذَا لَمْ تَكُنْ إلَّا بِنْتٌ فَلَهَا النِّصْفُ، وَبَقِيَ مِن نَصِيبِ الْبَنَاتِ السُّدسُ، فَإذَا كَانَ هُنَا بَنَاتُ ابْنٍ فَإنَّهُنَّ يَسْتَحْقِقْنَ الْجَمِيعَ لَوْلَا الْبِنْتُ، فَإذَا أَخَذَت النِّصْفَ فَالْبَاقِي لَهُنَّ.
وَكَذَلِكَ فِي الْأخْتِ مِن الْأبَوَيْنِ مَعَ الْأُخْتِ مِن الْأبِ، أَخْبَرَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَضَى لِلْبِنْتِ بِالنِّصْفِ، وَلبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ مجمِلَةَ الثُّلثَيْنِ.
وَأَمَّا إذَا اسْتَكْمَلَت الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ لَمْ يَبْقَ فَرْضٌ، فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ عَصَبَةٌ مِن وَلَدِ الْبَنينَ فَالْمَالُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى ذَكَرٍ، وإن كَانَ مَعَهُ أَو فَوْقَهُ عَصَّبهَا عِنْدَ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ كَالْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ.
وَأَمَّا ابْنُ مَسْعُودٍ فَإنَّهُ يُسْقِطُهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَرِثُ مُفْرَدَةً.
وَالنِّزَاعُ فِي الْأخْتِ لِلْأَبِ مَعَ أخِيهَا إذَا اسْتَكْمَلَ الْبَنَاتُ الثُّلُثَيْنِ، فَالْخمْهُورُ يَجْعَلُونَ الْبَنَات عَصَبَةً مَعَ إخْوَانِهِنَّ، يَقْتَسِمُونَ الْبَاقِي لِلذكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثييْنِ، سَوَاءٌ زَادَ مِيرَاثُهُنَّ بِالتَّعْصِيبِ أَو نَقَصَ.
وَتَوْرِيثهُنَّ هُنَا أَقْوَى. [٣١/ ٣٣٨ - ٣٥٥]
* * *
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute