وَمَن كَرَّرَ النَّظَرَ إلَى الْأَمْرَدِ وَنَحْوِهِ وَأَدَامَهُ وَقَالَ: إِنِّي لَا أَنْظُرُ لِشَهْوَةٍ كَذبَ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَكُن لَهُ دَاعٍ يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى النَّظَرِ لَمْ يَكُن النَّظَرُ إلَّا لِمَا يَحْصلُ فِي الْقَلْبِ مِن اللَّذَّةِ بِذَلِكَ.
وَأَمَّا نَظَرُ الْفَجْأةِ فَهُوَ عَفْوٌ إذَا صَرَفَ بَصَرَهُ.
وَلهَذَا يُقَالُ: إنَّ غَضَّ الْبَصَرِ عَن الصُّورَةِ الَّتِي يُنْهَى عَن النَّظَرِ إلَيْهَا: كَالْمَرْأَةِ وَالْأمْرَدِ الْحَسَنِ يُورِثُ ذَلِكَ ثَلَاثَ فَوَائِدَ جَلِيلَةِ الْقَدْرِ:
أَحَدُهَا: حَلَاوَةُ الإِيمَانِ وَلَذَّتُهُ، الَّتِي هِيَ أَحْلَى وَأَطْيَبُ مِمَّا تَرَكَهُ للهِ، فَإِنَّ مَن تَرَكَ شَيْئًا للهِ عَوَّضَهُ اللهُ خَيْرًا مِنْهُ.
وَأَمَّا الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ فِي غَضِّ الْبَصَرِ: فَهُوَ نُورُ الْقَلْبِ وَالْفِرَاسَةِ قَالَ تَعَالَى عَن قَوْمِ لُوطٍ: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (٧٢)} [الحجر: ٧٢]، فَالتَّعَلُّقُ بِالصُّوَرِ يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْلِ وَعَمَى الْبَصِيرَةِ وَسُكرَ الْقَلْبِ بَل جُنُونَهُ.
وَذَكَرَ اللهُ سُبْحَانَهُ آيةَ النُّورِ عَقِيبَ آيَاتِ غَضِّ الْبَصَرِ فَقَالَ: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [النور: ٣٥].
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: قُوَّةُ الْقَلْبِ وَثَبَاتُهُ وَشَجَاعَتُهُ، فَيَجْعَلُ اللّهُ لَهُ سُلْطَانَ الْبَصِيرَةِ مَعَ سُلْطَانِ الْحُجَّةِ.
وَلهَذَا يُوجَدُ فِي الْمُتَّبعِ هَوَاهُ مَن ذُلِّ النَفْسِ وَضَعْفِهَا وَمَهَانَتِهَا مَا جَعَلَهُ اللهُ لِمَن عَصَاهُ، فَإِنَّ اللهَ جَعَلَ الْعِزَّةَ لِمَن أَطَاعَهُ وَالذِّلَّةَ لِمَن عَصَاهُ. [١٥/ ٤١٧ - ٤٢٦]
٤٥٢٠ - التَّلَذُّذُ بِمَسِّ الْأَمْرَدِ كَمُصَافَحَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا يَحْرُمُ التَّلَذُّذُ بِمَسِّ ذَوَاتِ مَحَارِمِهِ وَالْمَرْأَةِ الْأجْنَبِيَّةِ؛ بَل الَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ إثْمًا مِن التَلَذذِ بِالْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ، كَمَا أَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى أَنَّ عُقُوبَةَ اللُّوطِيِّ أَعْظَمُ مِن عُقوبَةِ الزنى بِالْأَجْنَبِيَّةِ.
وَالنَّظَرُ إلَى وَجْهِ الْأَمْرَدِ لِشَهْوَةٍ كَالنَّظَرِ إلَى وَجْهِ ذَوَاتِ الْمَحَارِمِ وَالْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ بِالشَّهْوَةِ، سَوَاءٌ كَانَتِ الشَّهْوَةُ شَهْوَةَ الْوَطْءِ أَو شَهْوَةَ التَّلَذُّذِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute