وَإِذَا اشْتَرَطَ الْأَجَلَ قَبْلَ الْعَقْدِ: فَهُوَ كَالشَّرْطِ الْمُقَارِنِ فِي أَصَحِّ قَوْلَي الْعُلَمَاءِ، وَكَذَلِكَ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ.
وَأَمَّا إذَا نَوَى الزَّوْجُ الْأجَلَ وَلَمْ يُظْهِرْهُ لِلْمَرْأَةِ: فَهَذَا فِيهِ نِزَاعٌ: يُرَخِّصُ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ، وَيَكْرَهُهُ مَالِكٌ وَأَحْمَد وَغَيْرُهُمَا، كَمَا أَنَّهُ لَو نَوَى التَّحْلِيلَ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا اتَّفَقَ الصَّحَابَةُ عَلَى النَّهْيِ عَنْهُ وَجَعَلُوهُ مِن نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ؛ لَكِنَّ نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ شَرٌّ مِن نِكَاحِ الْمُتْعَةِ؛ فَإِنَّ نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ لَمْ يُبَحْ قَطُّ؛ إذْ لَيْسَ مَقْصُودُ الْمُحَلِّلَ أَنْ يَنْكِحَ، وَإِنَّمَا مَقْصُودُهُ أَنْ يُعِيدَهَا إلَى الْمُطَلِّقِ قَبْلَهُ، فَهُوَ يُثْبِتُ الْعَقْدَ ليُزِيلَهُ، وَهَذَا لَا يَكُونُ مَشْرُوعًا بِحَال، بِخِلَافِ الْمُسْتَمْتِعِ فَإِنَّ لَهُ غَرَضًا فِي الاِسْتِمْتَاعِ، لَكِنَّ التَّأجِيلَ (١) يُخِلُّ بِمَقْصُودِ النِّكَاحِ مِن الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ وَالسَّكَنِ، وَيَجْعَلُ الزَّوْجَةَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، فَلِهَذَا كَانَت النِّيَّةُ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ أَخَفَّ مِن النِّيَّةِ فِي نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ، وَهُوَ يَتَرَدَّدُ بَيْنَ كَرَاهَةِ التَّحْرِيمِ وَكَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ.
وَأَمَّا الْعَزْلُ: فَقَد حَرَّمَهُ طَائِفَةٌ مِن الْعُلَمَاءِ، لَكِنَّ مَذْهَبَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ بِإِذْنِ الْمَرْأَةِ. [٣٢/ ١٠٦ - ١٠٨]
٤٦٤٩ - وَأَمَّا نِكَاحُ الْمُتْعَةِ: إذَا قَصَدَ أَنْ يَسْتَمْتِعَ بِهَا إلَى مُدَّةٍ ثُمَّ يُفَارِقُهَا؛ مِثْل الْمُسَافِرِ الَّذِي يُسَافِرُ إلَى بَلَدٍ يُقِيمُ بِهِ مُدَّةً فَيَتَزَوَّجُ، وَفِي نِيَّتِهِ إذَا عَادَ إلَى وَطَنِهِ أَنْ يُطَلّقَهَا، وَلَكِنَّ النِّكَاحَ عَقَدَهُ عَقْدًا مُطْلَقًا: فَهَذَا فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَد:
قِيلَ: هُوَ نِكَاحٌ جَائِزٌ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي مُحَمَّدٍ المقدسي وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.
وَقِيلَ: إنَّهُ نِكَاحُ تَحْلِيلٍ لَا يَجُوزُ، وَرُوِيَ عَن الأوزاعي.
وَقيلَ: هُوَ مَكْرُوهٌ، وَلَيْسَ بِمُحَرَّم.
(١) بأن يقول للمرأة: تزوجتك مدة أسبوع أو شهر، وينتهي الزواج بانتهاء المدة، وهذا هو نكاح المتعة المحرم.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute