للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِن كَانَت الْمَرْأَةُ مِمَّا لَا تَحِيضُ لِصِغَرِهَا أَو كِبَرِهَا: فَإِنَّهُ يُطَلِّقُهَا مَتَى شَاءَ، سَوَاءٌ كَانَ وَطِئَهَا أَو لَمْ يَكُن يَطَؤُهَا؛ فَإِنَّ هَذِهِ عِدَّتُهَا ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ، فَفِي أيِّ وَقْتٍ طَلَّقَهَا لِعِدَّتِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْتَدُّ بِقُرُوء وَلَا بِحَمْل.

وَإِنْ طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ أَو طَلَّقَهَا بَعْدَ أَنْ وَطِئَهَا وَقَبْلَ أَنْ يَتَبَيَّنَ حَمْلُهَا: فَهَذَا الطَّلَاقُ مُحَرَّمٌ، وَيُسَمَّى: طَلَاقَ الْبِدْعَةِ، وَهُوَ حَرَامٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ.

وَإِنْ كَانَ قَد تبَيَّنَ حَمْلُهَا وَأَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا: فَلَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا.

وَهَل يُسَمَّى هَذَا طَلَاقَ سُنَّةٍ؟ أَو لَا يُسَمَّى طَلَاقَ سُنَّةٍ وَلَا بِدْعَةٍ؛ فِيهِ نِزَاعٌ لَفْظِيٌّ.

وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي طُهْرٍ وَاحِدٍ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَو كَلِمَاتٍ؛ مِثْل أَنْ يَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، أَو أَنْتِ طَالِقٌ وَطَالِقٌ وَطَالِقٌ، أَو أَنْتِ طَالِقٌ ثمَّ طَالِقٌ ثُمَّ طَالِقٌ، أَو يَقُولُ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنْتِ طَالِقٌ، ثُمَّ يَقُولُ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَو يَقُولُ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا، أَو عَشْرَ طَلْقَاتٍ أَو مِائَةَ طَلْقَةٍ، أو ألْفَ طَلْقَةٍ، وَنَحْو ذَلِكَ مِن الْعِبَارَاتِ: فَهَذَا لِلْعُلَمَاءِ مِن السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ، سَوَاءٌ كَانَت مَدْخُولًا بِهَا أَو غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا. وَفِيهِ قَوْلٌ رَابِعٌ مُحْدَثٌ مُبْتَدعٌ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ طَلَاقٌ مُبَاحٌ لَازِمٌ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الْقَدِيمَةِ عَنْهُ اخْتَارَهَا الخرقي.

الثَّانِي: أَنَّهُ طَلَاقٌ مُحَرَّمٌ لَازِمٌ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَد فِي الرِّوَايَةِ الْمُتَأَخِّرَةِ عَنْهُ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ مُحَرَّمٌ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ إلَّا طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهَذَا الْقَوْلُ مَنْقُولٌ عَن طَائِفَةٍ مِن السَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِن أَصْحَابِ رَسُولِ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - (١).


(١) ظاهرُ من كلام الشيخ رحمه الله أنه لا يرى وقوع طلاق الثلاث، سواء تلفظ بها بكلمة واحدة كقوله: أنت طالق ثلاثًا، أو تلفظ بها بكلمات متفرقة، كقوله: أنت طالق أنت طالق أنت طالق، =

<<  <  ج: ص:  >  >>