واختاروا أن الطلاق لا يقع إِلَّا بعد رجعة أو عقد، قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "والقول الراجح في هذه المسائل كلها: أنه ليس هناك طلاق ثلاث أبدًا، إِلَّا إذا تخلله رجعة، أو عقد، وإلا فلا يقع الثلاث، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو الصحيح". انتهى من الشرح الممتع (١٣/ ٩٤). وعلى هذا: فلو تلفظ الزوج بالطلاق الثاني والثالث أثناء عدة الطلاق الأول الذي لم يراجع فيه زوجته: فلا يقع غير الطلاق الأول، وله أن يراجع زوجته ما دامت في العدة. قال شيخ الإسلام رحمه الله: الطَّلَاقُ بَعْدَ الرَّجْعَةِ يَقَعُ. اهـ. (٣٣/ ١٤) لأنه إذا راجعها قطع وأنهى عدتها، فلو طلقها ثانية فقد طلقها في غير عدتها، ولكن بشرط ألا يطأها، فيكون قد طلقها في طهر جامعها فيه. وقال الشيخ رحمه الله كذلك: لَيْسَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يُوجِبُ الْإِلْزَامَ بِالثَّلَاثِ بِمَن أوْقَعَهَا جُمْلَةً بِكَلِمَةٍ أو كَلِمَاتٍ بِدُونِ رَجْعَةٍ أو عَقْد، بأَنْ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا، وَهَذَا طَلَاقٌ سُنِّيٌّ وَاقِعٌ بِاتِّفَاقِ الْأَئِمَّةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي مَعْنَى الطَّلَاقِ ثَلَاثًا. اهـ. (٣٣/ ١٧، ٧٧) وعلى هذا: فلا يجوز أن يُطَلِّقهَا الثَّانِيةَ وَالثَّالِثةَ قَبْلَ الرَّجْعَةِ، ولو فَرّقَ الطَّلَاقَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَطْهَارِ، فَيُطَلِّقَهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةً. قال شيخ الإسلام رحمه الله: وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأصحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَن أحْمَد الَّتِي اخْتَارَهَا أَكْثَرُ أصْحَابِهِ. اهـ. (٣٣/ ٧٦) وإذا وطِئها لم يحلَّ لهُ أنْ يُطلِّقهَا حتَّى يتبيَّنَ حملُها أو تَطْهُرَ الطُّهرَ الثَّاني. ووافق العلَّامة ابن باز رحمه الله في الصورة الأولى دون الثَّانية، فيرى وقوع الطلاق الثلاث إذا تلفظ بها بكلمات متفرقة. لكن قال شيخ الإسلام رحمه الله: ويقع من ثلاث مجموعة أو مفرقة بعد الدخول واحدة، ولا أعلم أحدًا فرَّق بين الصورتين. اهـ. الفتاوى المصرية (٥/ ٤٨٩). وقال القرطبي رحمه الله: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أنْ يُوقِعَ ثَلَاثًا مُجْتَمِعَةً فِي كَلِمَةٍ أو مُتَفَرِّقَةً فِي كَلِمَاتٍ. اهـ. تفسير القرطبي (٣/ ١٢٩). (١) أي: الْمَدْخُول بِهَا، التي طلقها زوجها.