للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَالطَّلَاقُ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ:

أ - الطَّلَاقُ الرَّجْعِيُّ، وَهُوَ الَّذِي يُمْكِنُهُ أَنْ يَرْتَجِعَهَا فِيهِ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهَا، وَإِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا فِي الْعِدَّةِ وَرِثَهُ الْآخَرُ.

ب - وَالطَّلَاقُ الْبَائِنُ، وَهُوَ مَا يَبْقَى بِهِ خَاطِبًا مِن الْخِطَابِ، لَا تُبَاحُ لَهُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ.

ج - والطَّلَاقُ الْمُحَرِّمُ لَهَا، لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ، وَهُوَ فِيمَا إذَا طَلَّقَهَا ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ كَمَا أَذِنَ اللهُ وَرَسُولُهُ، وَهُوَ أن يُطَلِّقَهَا ثُمَّ يَرْتَجِعَهَا فِي الْعِدَّةِ (١)، أَو يَتَزَوَّجَهَا (٢)، ثُمَّ يُطَلِّقَهَا ثُمَّ يَرْتَجِعَهَا، أَو يَتَزَوَّجَهَا ثُمَّ يُطَلِّقَهَا الطَّلْقَةَ الثَّالِثَةَ، فَهَذَا الطَّلَاقُ الْمُحَرّمُ لَهَا حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ.

وَلَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا طَلَاقٌ بَائِنٌ يُحْسَبُ مِن الثَّلَاثِ.

وَلهَذَا كَانَ مَذْهَبُ فُقَهَاءِ الْحَدِيث: أَنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ لِلنِّكَاحِ وَفُرْقَة بَائِنَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لَا يُحْسَبُ مِن الثَّلَاثِ، وَهَذَا هُوَ الثَّابِتُ عَن الصَّحَابَةِ كَابْنِ عَبَّاس.

وَكَذَلِكَ ثَبَتَ عَن عُثْمَانَ بْنِ عفان وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا: أنَّ الْمُخْتَلِعَةَ لَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ، وَإِنَّمَا عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَة.

والْخُلْعُ: أَنْ تَبْذُلَ الْمَرْأَةُ عِوَضًا لِزَوْجِهَا لِيُفَارِقَهَا.


(١) بشرط أن يكون ذلك عن رغبة، وأما إذا راجعها غيرَ راغب بها، بل كارهٍ لها، وإنما أراد استعجال وقوع الطلاق المحرِّم فلا يصح ارتجاعه والله أعلم.
وهذا جار على أصل شيخ الإسلام، فالعبرة بالمقاصد والمعاني، لا بالألفاظ، وقد قال رحمه الله - كما سيأتي -: الصحيح أن خلع اليمين لا يصح، كالمحلل؛ لأنه ليس المقصود به الفرقة.
ومثال خلع اليمين: أن يقول: إن سافرت الى البلد الفلاني فأنت طالق، فأراد السفر، فخالع امرأته ليبر بيمينه.
وهكذا من قال: راجعت امرأتي، ولم يقصد حقيقة الارتجاع، بل قصد سرعة الخلاص منها: لم يكن هذا ارتجاعًا لا في اللغة ولا في العرف ولا في الشرع.
(٢) إذا تركها حتى انتهت عدّتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>