وَهَذَا بِخِلَافِ الظِّهَارِ الْمُحَرَّمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَفْسَهُ مُحَرَّمٌ، كَمَا يَحْرُمُ الْقَذْفُ وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَسَائِرُ الْأَقْوَالِ الَّتِي هِيَ نَفْسُهَا مُحَرَّمَةٌ، فَهَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَنْقَسِمَ إلَى صَحِيحِ وَغَيْرِ صَحِيحٍ، بَل صَاحِبُهَا يَسْتَحِقُّ الْعُقُوبَةَ بِكُلِّ حَالٍ، فَعُوقِبَ الْمُظَاهِرُ بِالْكَفَّارَةِ، وَلَمْ يَحْصُلْ مَا قَصَدَهُ بِهِ مِن الطَّلَاقِ؛ فَإِنَّهُم كَانُوا يَقْصِدُونَ بِهِ الطَّلَاقَ وَهُوَ مُوجِبُ لَفْظِهِ، فَأَبْطَلَ الشَّارعُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَوْلٌ مُحَرَّمٌ، وَأوْجَبَ فِيهِ الْكَفَّارَةَ.أمَّا الطَّلَاق فَجِنْسُهُ مَشْرُوعٌ؛ كَالنِّكَاحِ وَالْبَيْعِ، فَهُوَ يَحِلُّ تَارَةً وَيَحْرُمُ تَارَةً، فَيَنْقَسِمُ إلَى صَحِيحٍ وَفَاسِدٍ، كَمَا يَنقَسِمُ الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ، وَالنَّهْيُ فِي هَذَا الْجِنْسِ يَقْتَضِي فَسَادَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.وَلَمَّا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ يُطَلِّقُونَ بِالظِّهَارِ فَأَبْطَلَ الشَّارعُ ذَلِكَ لِأنَّهُ قَوْلٌ مُحَرَّمٌ: كَانَ مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ قَوْلٍ مُحَرَّمٍ لَا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ، وَإِلَّا فَهُم كَانُوا يَقْصِدُونَ الطَّلَاقَ بِلَفْظِ الظِّهَارِ كَلَفْظِ الْحَرَامِ، وَهَذَا قِيَاسُ أصْلِ الْأئِمَّةِ؛ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد. اهـ. (٣٣/ ٨٩ - ٩٠).(٢) رواه البخاري (٥٢٥١).(٣) مسلم (١٤٧١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute