للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَإِذَا حَلَفَ بِالْتِزَامِ يَمِينٍ غَمُوسٍ؛ مِثْل أَنْ يَقُولَ: الْحِلُّ عَلَيْهِ حَرَامٌ مَا فَعَلْت كَذَا، أَو الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مَا فَعَلْت كَذَا، أَو إنْ فَعَلْت كَذَا فَمَالِي صَدَقَةٌ، أَو فَعَلَيَّ الْحَجُّ، أَو فَنِسَائِي طَوَالِقُ، أَو عَبِيدِي أَحْرَارٌ:

أ - فَقِيلَ: تَلْزَمُهُ هَذِهِ اللَّوَازِمُ.

ب - وَالْقَوْلُ الثانِي: أَنَّ هَذَا كَالْيَمِينِ الْغَمُوسِ بِاللّهِ هِيَ مِن الْكَبَائِرِ وَلَا يَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ مِن النَّذْرِ وَالطَّلَاقِ وَالْحَرَامِ، وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ.

وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ: فَكُلُّ مَن لَمْ يَقْصِدْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ نَذْرٌ وَلَا طَلَاقٌ وَلَا عَتَاقٌ وَلَا حَرَامٌ، سَوَاءٌ كَانَت الْيَمِينُ مُنْعَقِدَةً، أَو كَانَت غَمُوسًا، أَو كَانَت لَغْوًا (١).

وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ وَالنَّذْرُ لِمَن قَصَدَ ذَلِكَ.

فَإِنَ التَّعْلِيقَ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يُقْصَدُ بِهِ وُقُوعُ الْجَزَاءِ إذَا وَقَعَ الشَّرْطُ: فَهَذَا تَعْلِيق لَازِمٌ، فَإِذَا عَلَّقَ النَّذْرَ أَو الطَّلَاقَ أَو الْعَتَاقَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لَزِمَهُ.

فَإِذَا قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا تَطَهَّرْت مِن الْحَيْضِ فَأَنْتِ طَالِقٌ، أَو إذَا تَبَيَّنَ حَمْلُك فَأَنْتِ طَالِق: وَقَعَ بِهَا الطَّلَاقُ عِنْدَ الصِّفَةِ، وَكَذَلِكَ إذَا عَلَّقَهُ بِالْهِلَالِ، وَكَذَلِكَ لَو نَهَاهَا عَن أَمْرٍ وَقَالَ: إنْ فَعَلْته فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَهُوَ إذَا فَعَلَتْهُ يُرِيدُ أَنْ يُطَلِّقَهَا: فَإِنَّهُ يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ وَنَحْو هَذَا، [بِخِلَافِ] (٢) مِثْل أَنْ يَنْهَاهَا عَن فَاحِشَةٍ


(١) وعامة أيمان الناس بالطلاق والحرام ونحوه لا يقصدون ما الْتزموا به، فلا يجب عليهم سوى كفارة اليمين عند الحنث، فمن قال: علي الطلاق أني ما فعلت كذا، وهو في الحقيقة قد فعله: فلا يجب عليه إِلَّا الكفارة؛ لأنه لم يقصد إيقاع الطلاق.
ومن قال: علي الحرام، أو زوجتي حرام علي، أو لله على أن أصوم أو أنحر جزورًا أن تأكل عندي، فلم يأكل الرجل عنده، أو قال: أني فعلت كذا وهو كاذب: فليس عليه إِلَّا كفارة اليمين.
أما لو قال: لله عليّ أن أصوم أو أنحر جزورًا إن شفى الله مريضي: فشُفي: فيجب الوفاء بالنذز؛ لأنه قصد ما الْتزمه.
(٢) هكذا في الأصل والنسخ الأخرى، والذي يظهر أنها مقحمة، فلا يصح المعنى بها، وما ذكره بعدُ ليس مُخالفًا لما قبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>