للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّفْسِ وَحَمْلِهَا عَلَى الْمَشَاقِّ، حَتَّى يَكُونَ الْعَمَلُ كُلَّمَا كَانَ أَشَقَّ كَانَ أَفْضَلَ، كَمَا يَحْسَبُ كَثِيرٌ مِن الْجُهَّالِ أَنَّ الأجْرَ عَلَى قَدْرِ الْمَشَقَّةِ فِي كُلِّ شَيْءٍ، لَا، وَلَكِنَّ الْأَجْرَ عَلَى قَدْرِ مَنْفَعَةِ الْعَمَلِ وَمَصْلَحَتِهِ وَفَائِدَتِهِ، وَعَلَى قَدْرِ طَاعَةِ أَمْرِ اللهِ وَرَسُولِهِ.

فَأَيُّ الْعَمَلَيْنِ كَانَ أَحْسَنَ وَصَاحِبُهُ أَطْوَعَ وَأَتْبَعَ كَانَ أَفْضَلَ، فَإِنَّ الْأَعْمَالَ لَا تَتَفَاضَلُ بِالْكَثْرَةِ، وَإِنَّمَا تَتَفَاضَلُ بِمَا يَحْصُلُ فِي الْقُلُوبِ حَالَ الْعَمَلِ.

وَأَصْلُ ذَلِكَ أَنْ يَعْلَمَ الْعَبْدُ أَنَّ اللهَ لَمْ يَأْمُرْنَا إلَّا بِمَا فِيهِ صَلَاحُنَا، وَلَمْ يَنْهَنَا إلَّا عَمَّا فِيهِ فَسَادُنَا؛ وَلهَذَا يُثْنِي اللهُ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَيأْمُرُ بِالصَّلَاحِ وَالْإِصْلَاحِ وَينْهَى عَن الْفَسَادِ.

فَالأمْرُ الْمَشْرُوعُ الْمَسْنُونُ جَمِيعُهُ مَبْنَاهُ عَلَى:

أ- الْعَدْلِ.

ب- وَالِاقْتِصَادِ.

ج- وَالتَّوَسُّطِ الَّذِي هُوَ خَيْرُ الْأُمُورِ وَأَعْلَاهَا؛ كَالْفِرْدَوْسِ فَإِنَّهُ أَعْلَى الْجَنَّةِ وَأَوْسَطُ الْجَنَّةِ، فَمَن كَانَ كَذَلِكَ فَمَصِيرُهُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى.

هَذَا فِي كُلِّ عِبَادَةٍ لَا تُقْصَدُ لِذَاتِهَا مِثْل الْجُوعِ وَالسَّهَرِ وَالْمَشْيِ.

وَأَمَّا مَا يُقْصَدُ لِنَفْسِهِ مِثْلُ مَعْرِفَةِ اللهِ وَمَحَبَّتِهِ وَالْإِنَابَةِ إلَيْهِ وَالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ: فَهَذِهِ شُرعَ فِيهَا الْكَمَالُ، لَكِنْ يَقَعُ فِيهَا سَرَفٌ وَعُدْوَانٌ بِإِدْخَالِ مَا لَيْسَ مِنْهَا فِيهَا، مِثْلُ أَنْ يُدْخِلَ تَرْكَ الْأَسْبَابِ الْمَأمُورِ بِهَا فِي التَّوَكلِ. [٢٥/ ٢٧٦ - ٢٨٤]

٤٩٨٥ - مَن ظَنَّ أَنَّ حَاجَتَهُ إنَّمَا قُضِيَتْ بِالنَّذْرِ فَقَد كَذَبَ عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ. [٢٥/ ٣١٤]

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>