فَهَذَا الضَّرْبُ شَبِيهٌ بِالْمُعَاوَضَةِ فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ.
وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ قَد جَعَلَ الطَّلَاقُ عُقُوبَةً لَهَا؛ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: إذَا ضَرَبْتِ أُمِّي فَأنْت طَالِقٌ، أَو إنْ خَرَجْت مِن الدَّارِ فَأَنْت طَالِقٌ.
وَأمَّا الثَّانِي: فَمِثْلُ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَتِهِ: إذَا طَهُرْت فَأنْت طَالِقٌ، أَو يَقُولَ لِعَبْدِهِ: إذَا مُتّ فَأَنْت حُرٌّ، وَنَحْو ذَلِكَ مِن التَّعْلِيقِ الَّذِي هُوَ تَوْقِيتٌ مَحْضٌ.
فَهَذَا الضَّرْبُ بِمَنْزِلَةِ الْمُنَجَّزِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَصَدَ الطَّلَاقَ وَالْعِتَاقَ، وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ إلَى الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ بِمَنْزِلَةِ تَأجِيلِ الدَّيْنِ.
وَأمَّا الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ وُجُودَهُمَا جَمِيعًا: فَمِثْلُ الَّذِي قَد آذَتْهُ امْرَأَتُهُ حَتَّى أَحَبَّ طَلَاقَهَا وَاسْتِرْجَاعَ الْفِدْيَةِ مِنْهَا فَيَقُولُ: إنْ أبرأتيني مِن صَدَاقِك أَو مِن نَفَقَتِك فَأَنْتِ طَالِقٌ وَهُوَ يُرِيدُ كُلًّا مِنْهُمَا.
وَأمّا الرَّابعُ: وَهُوَ أَنْ يَكونَ مَقْصُودُهُ عَدَمَ الشَّرْطِ لَكِنَّهُ إذَا وُجِدَ لَمْ يَكْرَه الْجَزَاءَ؛ بَل يُحِبُّهُ، أَو لَا يُحِبُّهُ وَلَا يَكْرَهُهُ: فَمِثْلُ أَنْ يَقُولَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ زَنَيْت فَأنْت طَالِقٌ، أَو إنْ ضَرَبْت أُمِّي فَأَنْت طَالِقٌ وَنَحْو ذَلِكَ مِن التَّعْلِيقِ الَّذِي يقْصدُ فِيهِ عَدَمَ الشَّرْطِ، وَيقْصِدُ وُجُودَ الْجَزَاءِ عِنْدَ وُجُودِهِ؛ بِحَيْثُ تَكُونُ إذَا زَنَتْ أَو إذَا ضَرَبَتْ أُمَّهُ يُحِبُّ فِرَاقُهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لَهُ، فَهَدا فِيهِ مَعْنَى الْيَمِينِ وَمَعْنَى التَّوْقِيتِ.
وَأمّا الْخَامِسُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودُهُ عَدَمَ الْجَزَاءِ، وَتَعْلِيقُهُ بِالشَّرْطِ لِئَلَّا يُوجَدَ، وَلَيْسَ لَهُ غَرَضٌ فِي عَدَمِ الشَّرْطِ: فَهَذَا قَلِيلٌ (١)، كَمَن يَقُولُ: إنْ أَصَبْتَ مِائَةَ رَمْيَةٍ أَعْطَيْتُك كَذَا.
وَأمَّا السَّادِسُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَقْصُودهُ عَدَمَ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ، وَإِنَّمَا تَعَلَّقَ الْجَزَاءُ بِالشَّرْطِ لِيَمْتَنِعَ وَجُودُهُمَا فَهُوَ مِثْلُ نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ، وَمِثْلُ الْحَلِفِ
(١) لأنه أشبه بالشرط التعجيزي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute