للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ عَلَى حَضٍّ أَو مَنْعٍ أَو تَصْدِيقٍ أَو تَكْذِيبٍ: مِثْلُ أَنْ يُقَالَ لَهُ: تَصَدَّقْ، فَيَقُولُ: إنْ تَصَدَّقَ فَعَلَيْهِ صِيَامُ كَذَا وَكَذَا، أَو فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَو فَعَبِيدُهُ أَحْرَارٌ، أَو يَقُولَ: إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا فَعَلَيَّ نَذْرُ كَذَا، أَو امْرَأَتِي طَالِقٌ أَو عَبْدِي حُرٌّ، أَو يَحْلِفُ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ مِمَن يَقْصِدُ مَنْعَهُ -كَعَبْدِهِ وَنَسِيبِهِ وَصَدِيقِهِ مِمَن يَحُضُّهُ عَلَى طَاعَتِهِ- فَيَقُولُ لَهُ: إنْ فَعَلْت أَو إنْ لَمْ تَفْعَلْ: فَعَلَيَّ كَذَا، أَو فَامْرأتِي طَالِقٌ (١)، وَنَحْو ذَلِكَ: فَهَذَا نَذْرُ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ.

وَهَذَا وَمَا أَشْبَهَهُ مِن الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ يُخَالِفُهُ فِي الْمَعْنَى نَذْرُ التَّبَرُّرِ وَالتَّقَرُّبِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِن الْخُلْعِ والْكتَابَةِ؛ فَإِنَّ الَّذِي يَقُولُ: إنْ سَلَّمَنِي اللهُ أَو سَلَّمَ مَالِي مِن كَذَا، أَو إنْ أَعْطَانِي اللهُ كَذَا فَعَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ أَو أَصُومَ أَو أَحُجَّ: قَصْدُهُ حُصُولَ الشَّرْطِ الَّذِي هُوَ الْغَنِيمَةُ أَو السَّلَامَةُ، وَقَصَدَ أَنْ يَشْكُرَ اللهَ عَلَى ذَلِكَ بِمَا نَذَرَهُ لَهُ.

وَكَذَلِكَ الْمُخَالِعُ وَالْمكَاتِبُ: قَصْدُهُ حُصُولُ الْعِوَضِ وَبَذْلُ الطَّلَاقِ وَالْعِتَاقِ عِوَضًا عَن ذَلِكَ.

وَأَمَّا النَّذْرُ فِي اللَّجَاج وَالْغَضَبِ إذَا قِيلَ لَهُ: افْعَلْ كَذَا فَامْتَنَعَ مِن فِعْلِهِ ثُمَّ قَالَ: إنْ فَعَلْته فَعَلَيَّ الْحَجُّ او الصِّيَامُ، فَهُنَا مَقْصُودُهُ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّرْطُ، ثُمَّ إنَّهُ لِقُوَّةِ امْتِنَاعِهِ ألْزَمَ نَفْسَهُ إنْ فَعَلَهُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ الثَّقِيلَةِ عَلَيْهِ؛ لِيَكونَ لُزُومُهَا لَهُ إذَا فَعَلَ مَانِعًا لَهُ مِن الْفِعْلِ.

وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْته فَامْرَأَتِي طَالِقٌ؛ أَو فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ؛ إنَّمَا مَقْصُودُهُ الِامْتِنَاعُ، وَالْتَزَمَ بِتَقْدِيرِ الْفِعْلِ مَا هُوَ شَدِيدٌ عَلَيْهِ مِن فِرَاقِ أَهْلِهِ وَذَهَابِ مَالِهِ، لَيْسَ غَرَضُ هَذَا أَنْ يَتَقَرَّبَ إلَى اللهِ بِعِتْقٍ أَو صَدَقَةٍ، وَلَا أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ.

وَلهَذَا سَمَّى الْعُلَمَاءُ هَذَا "نَذْرَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ " مَأخُوذٌ مِن قَوْلِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-


(١) وكان يقول: إذا لم تأكل عندي فامرأتي طالق.

<<  <  ج: ص:  >  >>