للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْمُتَأَخِّرُونَ عَكْسُهُم فِي الْأَمْرَيْنِ.

فَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ قَالَ لِابْنِ عُمَرَ: "احْلِف بِاللهِ لَقَد بِعْت الْعَبْدَ وَمَا بِهِ دَاءٌ عَلِمْتَهُ"، فَأَبَى.

فَحَكَمَ عَلَيْهِ بِالنُّكُولِ، وَلَمْ يَرُدَّ الْيَمِينَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ عَلَى الْمُدَّعِي، وَيقُولُ لَهُ: احْلِفْ أَنْتَ أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْلَمَهُ الْمُدَّعِي، وَيُمْكِنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعْرِفَتُهُ، فَإِذَا لَمْ يَحْلِف الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَمْ يُكَلَّف الْمُدَّعِي الْيَمِينَ.

فَإِنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ قَد بَاعَهُ بِالْبَرَاءَةِ مِن الْعُيُوبِ، وَهُوَ إنَّمَا يَبْرَأُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ، فَقَالَ لَهُ: "احْلِفْ أَنَّكَ بِعْتَهُ وَمَا بِهِ عَيْبٌ تَعْلَمُهُ".

وَهَذَا مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ دُونَ الْمُدَّعِي، فَإِنَّهُ قَد تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْيَمِينُ: أَنَّهُ كَانَ عَالِمًا بِالْعَيْبِ، وَأَنَّهُ كَتَمَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ.

وَأَمَّا أَثَرُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَقَوْلُ الْمِقْدَادِ: "احْلِفْ أَنَّهَا سَبْعَةُ آلَافٍ"، فَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ، فَلَمْ يَحْكُمْ لَهُ بِنُكُولِ عُثْمَانَ: فَوَجْهُهُ: أَنَّ الْمُقْرِضَ إنْ كَانَ عَالِمًا بِصِدْقِ نَفْسِهِ وَصِحَّةِ دَعْوَاهُ: حَلَفَ وَأَخَذَهُ، وَإِن لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ: لَمْ تَحِلَّ لَهُ الدَّعْوَى بِمَا لَا يَعْلَمُ صِحَّتَهُ، فَإِذَا نَكَلَ عَن الْيَمِينِ لَمْ يَقْضِ لَهُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ خَصْمِهِ؛ إذ خَصْمُهُ قَد لَا يَكُونُ عَالِمًا بِصِحَّةِ دَعْوَاهُ، فَإِذَا قَالَ لِلْمُدَّعِي: إنْ كُنْتَ عَالِمًا بِصِحَّةِ دَعْوَاكَ فَاحْلِفْ وَخُذْ: فَقَد أَنْصَفَهُ جدّ الْإِنْصَافِ.

فَلَا أَحْسَنَ مِمَّا قَضَى بِهِ الصَّحَابَةُ -رضي الله عنهم-، وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْمَسْأَلَةِ هُوَ الْحَقُّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ شَيْخِنَا قَدَّسَ اللهُ رَوْحَهُ. [المستدرك ٥/ ١٧٣ - ١٧٤]

٥٠٤٣ - الخط كاللفظ إذا ثبت أنه كان عنده على سبيل الوديعة، أو أنه قبضه أخذ بالخط، كما لو تلفظ بذلك، ولو أن يأخذ منه ما أخذه إذا كانت الوديعة قد تلفت بغير تفريط. [المستدرك ٥/ ١٧٤]

٥٠٤٤ - ظاهر كلام أبي العباس صحة الدعوى على المبهم؛ كدعوى

<<  <  ج: ص:  >  >>