للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١٦٧ - مِن الْعِلْمِ وَالْعَدْلِ الْمَأمُورِ بِهِ: الصَّبْرُ عَلَى ظُلْمِ الْأَئِمَّةِ وَجَوْرِهِمْ، كَمَا هُوَ مِن أُصُولِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَكَمَا أَمَرَ بِهِ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْأَحَادِيثِ الْمَشْهُورَةِ عَنْهُ لَمَّا قَالَ: لا إنَّكُمْ سَتَلْقَوْنَ بَعْدِي أثَرَة فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلَقَّوْنِي عَلَى الْحَوْضِ" (١)، وَقَالَ: "مَن رَأَى مِن أَمِيرِهِ شيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ" (٢)، إلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ.

وَنُهُوْا عَن قِتَالِهِمْ مَا صَلَّوْا؛ وَذَلِكَ:

أ - لِأَنَّ مَعَهُم أَصْلُ الدِّينِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ تَوْحِيدُ اللهِ وَعِبَادَتُهُ.

ب - وَمَعَهُم حَسَنَاتٌ وَتَرْكُ سَيِّئَاتٍ كَثِيرَةٍ.

وَأَمَّا مَا يَقَعُ مِن ظُلْمِهِمْ وَجَوْرِهِمْ بِتَأوِيلٍ سَائِغٍ أَو غَيْرِ سَائِغٍ: فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُزَالَ؛ لِمَا فِيهِ مِن ظُلْمٍ وَجَوْرٍ كَمَا هُوَ عَادَةُ أَكْثَرِ النُّفُوسِ تُزِيلُ الشَّرَّ بِمَا هُوَ شَرٌّ مِنْهُ، وَتُزِيلُ الْعُدْوَانَ بِمَا هُوَ أَعْدَى مِنْهُ.

فَالْخُرُوج عَلَيْهِم يُوجِبُ مِن الظُّلْمِ وَالْفَسَادِ أَكْثَرَ مِن ظُلْمِهِمْ، فَيُصْبَرُ عَلَيْهِ كَمَا يُصْبَرُ عِنْدَ الْأَمْرِ بِالْمَعْوُوفِ وَالنَّهْي عَن الْمُنْكَرِ عَلَى ظُلْمِ الْمَأمُورِ وَالْمَنْهِيِّ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ؛ كَقَوْلِهِ: {وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} [لقمان: ١٧].

وينْدَرجُ فِي ذَلِكَ وُلَاةُ الْأُمُورِ؛ فَإِنَّ عَلَيْهِم مِن الصَّبْرِ وَالْحِلْمِ مَا لَيْسَ عَلَى غَيْرِهِمْ، كَمَا أَنَّ عَلَيْهِم مِن الشَّجَاعَةِ وَالسَّمَاحَةِ مَا لَيْسَ عَلَى غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ مَصْلَحَةَ الْإِمَارَةِ لَا تَتِمُّ إلَّا بِذَلِكَ. [٢٨/ ١٧٩ - ١٨٠]

٥١٦٨ - هَذِهِ رِسَالَةٌ (٣) مُخْتَصَرَةٌ فِيهَا جَوَامِعُ مِن السِّيَاسَةِ الْإِلَهِيَّةِ وَالْآيَاتِ النَبّوَيَّةِ لَا يَسْتَغْنِيَ عَنْهَا الرَّاعِي وَالرَّعِيَّةُ.


(١) رواه البخاري (٣٧٩٣)، ومسلم (١٠٦١).
(٢) رواه البخاري (٧٠٥٤)، ومسلم (١٨٤٩).
(٣) قال ابن قاسم في الحاشية: تُسمى السياسة الشرعية، كتبها في ليلة لَمَّا سأله الإمام أن يُعلّق له شيئًا من أحكام الرعايا وما ينبغي للمتولي.
قلت: وتقع من (ص ٢٤٤) إلى (ص ٣٩٧)، من الجزء الثامن والعشرين.

<<  <  ج: ص:  >  >>