وَهَكَذَا أَبُو بَكْرٍ -رضي الله عنه- خَلِيفَةُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَا زَالَ يَسْتَعْمِل خَالِدًا فِي حَرْب أَهْلِ الرِّدَّةِ وَفِي فُتُوحِ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ، وَبَدَتْ مِنْهُ هَفَوَاتٌ كَانَ لَهُ فِيهَا تَأوِيلٌ، وَقَد ذُكِرَ لَهُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ لَهُ فِيهَا هَوًى، فَلَمْ يَعْزِلْهُ مِن أَجْلِهَا بَل عَاتَبَهُ عَلَيْهَا؛ لِرُجْحَانِ الْمَصْلَحَةِ عَلَى الْمَفْسَدَةِ فِي بَقَائِهِ، وَأَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يَكُن يَقُومُ مَقَامَهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَلّيَ الْكَبِيرَ إذَا كَانَ خُلُقُهُ يَمِيلُ إلَى اللِّينِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خُلُقُ نَائِبِهِ يَمِيلُ إلَى الشِّدَّةِ، وَإِذَا كَانَ خُلُقُهُ يَمِيلُ إلَى الشِّدَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ خُلُقُ نَائِبِهِ يَمِيلُ إلَى اللِّينِ؛ لِيَعْتَدِلَ الْأَمْرُ.
وَلهَذَا كَانَ أَبُو بَكْرٍ الصدِّيق -رضي الله عنه- يُؤثِرُ اسْتِنَابَةَ خَالِدٍ، وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- يُؤْثِرُ عَزْلَ خَالِدٍ وَاسْتِنَابَةَ أَبِي عُبَيْد بْنِ الْجَرَّاحِ -رضي الله عنه-؛ لِأَنَّ خَالِدًا كَانَ شَدِيدًا كَعُمَر بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَبَا عُبَيْدَةَ كَانَ لَيِّنًا كَأَبِي بَكْرٍ، وَكَانَ الْأَصْلَحُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُوَلِّيَ مَن وَلَّاهُ؛ لِيَكُونَ أَمْرُهُ مُعْتَدِلًا.
وَإِذَا كَانَت الْحَاجَةُ فِي الْوِلَايَةِ إلَى الْأَمَانَةِ أَشَدَّ قُدِّمَ الْأَمِينُ: مِثْلُ حِفْظِ الْأَمْوَالِ وَنَحْوِهَا. [٢٨/ ٢٥٤ - ٢٥٨]
٥١٧٢ - يَجُوزُ تَوْلِيَةُ غَيْرِ الْأَهْلِ لِلضَّرُورَةِ إذَا كَانَ أَصْلَحَ الْمَوْجُودِ، فَيَجِبُ مَعَ ذَلِكَ السَّعْيُ فِي إصْلَاحِ الْأَحْوَالِ حَتى يَكْمُل فِي النَّاسِ مَا لَا بُدَّ لَهُم مِنْهُ مِن أمُورِ الْوِلَايَاتِ وَالْإِمَارَاتِ وَنَحْوِهَا. [٢٨/ ٢٥٩]
٥١٧٣ - الْمَقْصُودُ الْوَاجِبُ بِالْوِلَايَاتِ:
أ - إصْلَاحُ دِينِ الْخَلْقِ الَّذِي مَتَى فَاتَهُم خَسِرُوا خُسْرَانًا مُبِينًا وَلَمْ يَنْفَعْهُم مَا نَعِمُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا.
ب - وَإِصْلَاحُ مَا لَا يَقُومُ الدِّينُ إلَّا بِهِ مِن أَمْرِ دُنْيَاهُمْ، وَهُوَ نَوْعَانِ:
أ - قَسْمُ الْمَالِ بَيْنَ مُسْتَحِقِّيهِ.
ب - وَعُقُوبَاتُ الْمُعْتَدِينَ.
فَمَن لَمْ يَعْتَدِ أَصْلَحَ لَهُ دِينَهُ وَدُنْيَاهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute