للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥١٦٩ - يَنْبَغِي أَنْ يَعْرِفَ الْأَصْلَحَ فِي كُل مَنْصِبٍ؛ فَإنَّ الْوِلَايَةَ لَهَا رُكْنَانِ: الْقُوَّةُ وَالْأَمَانَةُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦)} [القصص: ٢٦].

وَالْقُوَّةُ فِي كُلّ وِلَايَةٍ بِحَسْبِهَا؛ فَالْقوَّةُ فِي إمَارَةِ الْحَرْبِ تَرْجِعُ إلَى شَجَاعَةِ الْقَلْبِ وَإِلَى الْخِبْرَةِ بِالْحُرُوبِ وَالْمُخَادَعَةِ فِيهَا؛ فَإِنَّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ، وإلَى الْقُدْرَةِ عَلَى أَنْوَاعِ الْقِتَالِ: مِن رَمْىٍ وَطَعْنٍ وَضَرْبٍ وَرُكُوبٍ وَكَرٍّ وَفَرٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

وَالْقُوَّةُ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ النَّاسِ تَرْجِعُ إلَى الْعِلْمِ بِالْعَدْلِ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَإِلَى الْقُدْرَةِ عَلَى تَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ.

وَالْأَمَانَةُ تَرْجِعُ إلَى خَشْيَةِ اللهِ، وَأَلَّا يَشْتَرِيَ بِآيَاتِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا، وَتَرْكِ خَشْيَة النَّاسِ، وَهَذِهِ الْخِصَالُ الثَّلَاثُ الَّتِي أَخَذَهَا اللهُ عَلَى كُلِّ مَن حَكَمَ عَلَى النَّاسِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (٤٤)} [المائدة: ٤٤]. [٢٨/ ٢٥٣ - ٢٣٤]

٥١٧٠ - الْقَاضِي: اسْمٌ لِكُلِّ مَن قَضَى بَيْنَ اثْنَيْنِ وَحَكَمَ بَيْنَهُمَا، سَوَاءٌ كَانَ خَلِيفَةً أَو سُلْطَانًا أَو نَائِبًا أَو وَالِيًا، أَو كَانَ مَنْصُوبًا لِيَقْضِيَ بِالشَّرْعِ، أَو نَائِبًا لَهُ، حَتَّى مَن يَحْكُم بَيْنَ الصِّبْيَانِ فِي الْخطُوطِ إذَا تَخَايَرُوا، هَكَذَا ذَكَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، وَهُوَ ظَاهِرٌ. [٢٨/ ٢٣٤]

٥١٧١ - إِذَا تَعَيَّنَ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا أَعْظَمُ أَمَانَةً وَالْآخَرُ أَعْظَمُ قُوَّةً: قُدِّمَ أَنْفَعُهُمَا لِتِلْكَ الْوِلَايَةِ وَأَقَلُّهُمَا ضَرَرًا فِيهَا، فَيُقَدَّمُ فِي إمَارَةِ الْحُرُوبِ الرَّجُلُ الْقَوِيّ الشُّجَاعُ وَإِن كَانَ فِيهِ فُجُورٌ عَلَى الرَّجُلِ الضَّعِيفِ الْعَاجِزِ وَإِن كَانَ أَمِينًا.

وَلهَذَا كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَسْتَعْمِلُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْحَرْبِ مُنْذُ أَسْلَمَ وَقَالَ: "إنَّ خَالِدَ سَيْف سَلَّهُ اللهُ عَلَى الْمُشْرِكينَ" (١)، مَعَ أَنَّهُ أَحْيَانًا قَد كَانَ يَعْمَلُ مَا يُنْكِرُهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم-.


(١) صحَّحه الألباني في صحيح الجامع (٣٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>