للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَحَدُ الطَّرَفَيْنِ قَالُوا: إنَّه كَانَ كَافِرًا مُنَافِقًا.

وَالطَّرَفُ الثَّانِي: يَظُنُّونَ أَنَّهُ كَانَ رَجُلًا صَالِحًا، وَإِمَامَ عَدْلِ، وَأَنَّهُ كَانَ مِن الصَّحَابَةِ.

وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ ظَاهِرُ الْبُطْلَانِ عِنْدَ مَن لَهُ أَدْنَى عَقْل وَعِلْمِ بِالْأُمُورِ وَسَيْر الْمُتَقَدِّمِينَ.

وَلهَذَا لَا يُنْسَبُ إلَى أَحَدٍ مِن أَهْلِ الْعِلْمِ الْمَعْرُوفِينَ بِالسُّنَّةِ وَلَا إلَى ذِي عَقْلٍ مِن الْعُقَلَاءِ الَّذِينَ لَهُم رَأْيٌ وَخِبْرَةٌ.

وَالْقوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ كَانَ مَلِكًا مِن مُلُوكِ الْمُسْلِمِينَ، لَهُ حَسَنَاتٌ وَسَيِّئَاتٌ، وَلَمْ يُولَدْ إلَّا فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، وَلَمْ يَكُن كَافِرًا، وَلَكِنْ جَرَى بِسَبَبِهِ مَا جَرَى مِن مَصْرَعِ الْحُسَيْنِ، وَفِعْلِ مَا فُعِلَ بِأَهْلِ الْحَرَّةِ، وَلَمْ يَكُن صَاحِبًا وَلَا مِن أَوْليَاءِ اللهِ الصَّالِحِينَ.

وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعَقْلِ وَالْعِلْمِ وَالسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ.

ثُمَّ افْتَرَقُوا ثَلَاثَ فِرَقٍ: فِرْقَةٌ لَعَنَتْهُ، وَفِرْقَةٌ أَحَبَّتْهُ، وَفِرْقَةٌ لَا تَسُبُّهُ وَلَا تُحِبُّهُ، وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَن الْإِمَامِ أَحْمَد، وَعَلَيْهِ الْمُقْتَصِدُونَ مِن أَصْحَابِهِ وَغَيْرِهِمْ مِن جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَد: قُلْت لِأَبِي: إنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ إنَّهُم يُحِبُّونَ يَزِيدَ؟

فَقَالَ: يَا بُنَيَّ وَهَل يُحِبُّ يَزِيدَ أَحَدٌ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ؟

فَقُلْت: يَا أَبَتِ فَلِمَاذَا لَا تَلْعَنُهُ؟

فَقَالَ: يَا بُنَيَّ وَمَتَى رَأَيْت أَبَاك يَلْعَنُ أَحَدًا؟.

وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ المقدسي لَمَّا سُئِلَ عَن يَزِيدَ: فِيمَا بَلَغَنِي لَا يُسَبُّ وَلَا يُحَبُّ.

وَبَلَغَنِي أَيْضًا أَنَّ جَدَّنَا أَبَا عَبْدِ اللهِ ابْنَ تَيْمِيَّة سُئِلَ عَن يَزِيدَ: فَقَالَ: لَا تَنْقُصْ وَلَا تَزِدْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>