للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ فِيهِ وَفِي أَمْثَالِهِ وَأَحْسَنِهَا.

أَمَّا تَرْكُ سَبِّهِ وَلَعْنَتِهِ:

- فَبِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِسْقُهُ الَّذِي يَقْتَضِي لَعْنَهُ.

- أَو بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفَاسِقَ الْمُعَيَّنَ لَا يُلْعَنُ بِخُصُوصِهِ، إمَّا تَحْرِيمًا وَإِمَّا تَنْزِيهًا.

وَهَذَا كَمَا أَنَّ نُصُوصَ الْوَعِيدِ عَامَّةٌ فِي أَكَلِ أَمْوَالِ الْيَتَامَى وَالزَّانِي وَالسَّارِقِ، فَلَا نَشْهَدُ بِهَا عَامَّةً عَلَى مُعَيَّنٍ بِأَنَّهُ مِن أَصْحَابِ النَّارِ؛ لِجَوَازِ تَخَلُّفِ الْمُقْتَضِي عَن الْمُقْتَضَى لِمُعَارِضٍ رَاجِحٍ؛ إمَّا تَوْبَةٍ، وَإِمَّا حَسَنَاتٍ مَاحِيَةٍ، وَإِمَّا مَصَائِبَ مُكَفِّرَةٍ، وَإِمَّا شَفَاعَةٍ مَقْبُولَةٍ، وَإِمَّا غَيْرِ ذَلِكَ.

وَلتَرْكِ الْمَحَبَّةِ مَأْخَذَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَمْ يَصْدُرْ عَنْهُ مِن الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ مَا يُوجِبُ مَحَبَّتَهُ، فَبَقِيَ وَاحِدًا مِن الْمُلُوكِ الْمُسَلَّطِينَ، وَمَحَبَّةُ أَشْخَاصِ هَذَا النَّوْعِ لَيْسَتْ مَشْرُوعَةً، وَهَذَا الْمَأْخَذُ وَمَأْخَذُ مَن لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ فِسْقُهُ اعْتَقَدَ تَأْوِيلًا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ صدَرَ عَنْهُ مَا يَقْتَضِي ظُلْمَهُ وَفِسْقَهُ فِي سِيرَتِه.

وَأَمَّا الَّذِينَ لَعَنُوهُ مِن الْعُلَمَاءِ؛ كَأَبِي الْفَرَجِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ وإلكيا الْهَرَّاسِي وَغَيْرِهِمَا: فَلِما صَدَرَ عَنْهُ مِن الْأَفْعَالِ الَّتِي تُبِيحُ لَعْنَتَهُ.

وَأَمَّا الَّذِينَ سَوَّغُوا مَحَبّتَهُ أَو أَحَبُّوهُ كَالْغَزَالِيِّ والدستي فَلَهُم مَأْخَذَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مُسْلِمٌ وُلِّيَ أَمْرَ الْأُمَّةِ عَلَى عَهْدِ الصَّحَابَةِ وَتَابَعَهُ بَقَايَاهُمْ، وَكَانَت فِيهِ خِصَالٌ مَحْمُودَةٌ، وَكَانَ مُتَأَوِّلًا فِيمَا يُنْكَرُ عَلَيْهِ مِن أَمْرِ الْحَرَّةِ وَغَيْرِهِ، فَيَقُولُونَ: هُوَ مُجْتَهِدٌ مُخْطِئٌ.

وَالْمَأْخَذُ الثَّانِي: أَنَّهُ قَد ثَبَتَ فِي "صَحِيحِ الْبُخَارِيُّ" عَن ابْنِ عُمَر أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>