للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَذَلِكَ مَا فَعَلَهُ الْكَافِرُ مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ الَّتِي يَسْتَحِلُّهَا فِي دِينِهِ؛ كَالْعُقُودِ والقبوض الْفَاسِدَةِ، كَعَقْدِ الرِّبَا، وَالْمَيْسِرِ، وَبَيْعِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، وَالنِّكَاحِ بِلَا وَليٍّ وَلَا شُهُودٍ، وَقَبْضِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ بِالْقَهْرِ، وَالِاسْتِيلَاءِ (١)، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ الْمُحَرَّمَ يَسْقُطُ حُكْمُهُ بِالْإِسْلَامِ.

وَأَمَّا الْعُقُوبَاتُ: فَإِنَّهُ لَا يُعَاقَبُ عَلَى مَا فَعَلَهُ قَبْلَ الْإِسْلَامِ مِن مُحَرَّمٍ، سَوَاءٌ كَانَ يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ أَو لَمْ يَعْتَقِدْ، فَلَا يُعَاقَبُ عَلَى قَتْلِ نَفْسٍ، وَلَا رِبًا، وَلَا سَرِقَةٍ، وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ، سَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ بِالْمُسْلِمِينَ أَو بِأَهْلِ دِينِهِ.

فَأَمَّا الْمُرْتَدُّ: فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا تَرَكَهُ فِي الرِّدَّةِ مِن صَلَاةٍ وَزَكَاةٍ وَصِيَامٍ فِي الْمَشْهُورِ، وَلَزِمَهُ مَا تَرَكَهُ قَبْلَ الرِّدَّةِ فِي الْمَشْهُورِ.

وَأَمَّا الْمُسْلِمُ: إذَا تَرَكَ الْوَاجِبَ قَبْلَ بُلُوغ الْحُجَّةِ، أَو مُتَأَوِّلًا .. فَهَل يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ هَذِهِ الْوَاجِبَاتِ؟ عَلَى قَؤْلَيْنِ فِي الْمَذهَبِ.

وَأَصْلُهَا: أَنَّ حُكْمَ الْخِطَابِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ هَل يَثْبُتُ حُكْمُهُ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِ قَبْلَ بُلُوغِهِ؟

وإذَا عُفِيَ لِلْكَافِرِ بَعْدَ الْإِسْلَامِ عَمَّا تَرَكَهُ مِنَ الْوَاجِبَاتِ لِعَدَمِ الِاعْتِقَادِ - وَإِن كَانَ اللهُ قَد فَرَضَهَا عَلَيْهِ، وَهُوَ مُعَذَّبٌ عَلَى تَرْكِهَا- فَلَأَنْ يَعْفُوَ لِلْمُسْلِمِ عَمَّا تَرَكَهُ مِنَ الْوَاجِبَاتِ لِعَدَمِ اعْتِقَادِ الْوُجُوبِ، وَهُوَ غَيْرُ مُعَذِّبِهِ عَلَى التَّرْكِ لِاجْتِهَادِهِ، أَو تَقْلِيدِهِ، أَو جَهْلِهِ الَّذِي يُعْذَرُ بِهِ: أَوْلَى وَأَحْرَى.

وَكَمَا أَنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ؛ فَالتَّوْبَةُ تَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا.

وَكَذَلِكَ مَا فَعَلَهُ مِنَ الْعُقُودِ والقبوض الَّتِي لَمْ يَبْلُغْهُ تَحْرِيمَهَا لِجَهْلٍ يُعْذَرُ بِهِ، أَو تَأْوِيلٍ .. فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَى مَا قَبَضَهُ بِهَذِهِ الْعُقُودِ، وَيقَرُّ عَلَى النِّكَاح الَّذِي مَضَى مُفْسِدُهُ.


(١) أي: مَا اسْتَوْلَى عَلَيْهِ حال الْحَرْبِ مِن أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ أَسْلَم.

<<  <  ج: ص:  >  >>