للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّهُ سَمِعَ إيجَابَ هَذَا وَتَحْرِيمَ هَذَا، وَلَمْ يَلْتَزِمْة إعْرَاضًا لَا كُفْرًا بِالرِّسَالَةِ .. فقَد يُقَالُ: هَذَا عَاصٍ ظَالِم بِتَرْكِ التَّعَلُّمِ وَالِالْتِزَامِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنَ الْعَفْوِ عَنِ الْمُخْطِئِينَ فِي تَأْوِيلِهِ الْعَفْوُ عَن هَذَا.

وَقَد يُقَالُ -وَهُوَ أَظْهَرُ فِي الدَّلِيلِ وَالْقِيَاسِ-: لَيْسَ هَذَا بِأَسْوَأ حَالٍ مِنَ الْكَافِرِ الْمُعَانِدِ الَّذِي تَرَكَ الْقُرْآنَ كِبْرًا وَحَسَدًا وَهَوًى، أَو سَمِعَة وَتَدَبَّرَهُ وَاسْتَيْقَنَتْ نَفْسُهُ أَنَّهُ حَقٌّ مِن عِنْدِ اللهِ، وَلَكِنْ جَحَدَ ذَلِكَ ظُلْمًا وَعُلُوًّا كَحَالِ فِرْعَوْنَ، وَأَكْثَرِ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَالْمُشْرِكِينَ، الَّذِينَ لَا يُكَذِّبُونَك، وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحدُونَ.

وَالتَّوْبَةُ كَالْإِسْلَامِ، فَإِنَّ الَّذِي قَالَ: "الْإِسْلَامُ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ" (١) هُوَ الَّذِي قَالَ: "التَّوْبَةُ تَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهَا" وَذَلِكَ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ.

وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِيمَن تَرَكَ الصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ عَامِدًا: هَل يَقْضِيهِ؟ .. وَقَد ثَبَتَ عَنِ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: عَنِ الْأُمَرَاءِ الَّذِينَ يُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَن وَقْتِهَا: "فَصَلُّوا الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَاجْعَلُوا صَلَاتَكُمْ مَعَهُم نَافِلَةً" (٢).

وَدَلَّ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَاتِّفَاقُ السَّلَفِ عَلَى الْفَرْقِ بَيْنَ مَن يُضَيِّعُ الصَّلَاةَ فَيُصَلِّيهَا بَعْدَ الْوَقْتِ، وَالْفَرْق بَيْنَ مَن يَتْرُكُهَا، وَلَو كَانَت بَعْدَ الْوَقْتِ لَا تَصِحُّ بِحَالٍ لَكَانَ الْجَمِيعُ سَوَاءً؛ لَكِنَّ الْمُضَيِّعَ لِوَقْتِهَا كَانَ مُلْتَزِمًا لِوُجُوبِهَا، وَإِنَّمَا ضيَّعَ بَعْضَ حُقُوقِهَا وَهُوَ الْوَقْتُ، وَأَتَى بِالْفِعْلِ (٣).

واخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْإِمَامِ إذَا أَخَذَ الزَّكَاةَ قَهْرًا: هَل تُجْزِئُهُ فِي الْبَاطِنِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ، مَعَ أَنَّهَا لَا تُسْتَعَادُ مِنْهُ:

أَحَدِهِمَا: لَا تجْزِيهِ لِعَدَمِ النِّيَّةِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا.


(١) رواه مسلم (١٢١).
(٢) رواه مسلم (٦٤٨).
(٣) انْتَصَر الشيخ لقول الجمهور، والمشهور عنه أنه يرى الرأي الثاني، كما في (٢٢/ ٤٠ - ٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>